عقد "إيان بيزلي"، زعيم أكبر حزب سياسي بروتستانتي في إيرلندا الشمالية، محادثات رسمية لأول مرة مع زعيم الكنيسة الكاثوليكية في الإقليم. ولعل الأغرب من الاجتماع نفسه هو أن الجانبين بديا مبتهجين، ومتفائلين تقريباً؛ حيث قال الزعيم الكاثوليكي الأسقف "شين باتيست برادي" في بيان له "لقد كان اجتماعاً مساعداً وبناء جداً"، مضيفا أن المحادثات "أكدت لي أن لنا جميعاً دوراً للقيام به من أجل خلق مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً في إيرلندا الشمالية". كما دعا جميع الأطراف إلى "التحلي بالشجاعة والأخذ في عين الاعتبار احتياجات الآخر، وليس احتياجات طائفتنا الخاصة فقط". أما "بيزلي"، الواعظ الديني المتشدد الذي يتزعم الحزب "الوحدوي الديمقراطي"، فقال في بيان له بعد الاجتماع في بلفاست عاصمة إيرلندا الشمالية: "إننا تبادلنا وجهات النظر حول جملة من المواضيع على نحو جيد ومفيد". وأضاف أنه وأعضاء حزبه ناقشوا مواضيع مختلفة من قبيل الفقر والاقتصاد وإيجابيات حكم ذاتي مستقر في الإقليم مع الأسقف ووفد المجلس الكاثوليكي في إيرلندا الشمالية المرافق له. وقال "بيزلي": "إنه في مصلحة الجميع تطوير أسس الاستقرار والرخاء لجميع أفراد شعب إيرلندا الشمالية". الواقع أنه سيكون من الصعب تضخيم حجم الكُره التاريخي الذي يكنه "بيزلي" للكاثوليكية. ففي 1988 ، قاطع هذا الأخير، بصفته عضوا في البرلمان الأوروبي، خطاباً للبابا "جون بول" صائحاً "إنك المسيح الدجال". ولدى عودته إلى الإقليم، حمل معه ملصقاً كبيرا كتب عليه "البابا جون بول الثاني- المسيح الدجال". وقد شدد المتحدث باسم الحزب "الوحدوي الديمقراطي" في حوار صحفي معه على أن اجتماع الاثنين كان ذا طابع سياسي، وليس دينياً، وأنه كان جزءا من جهود يبذلها "بيزلي"، هدفها الرئيسي الالتقاء بالزعماء الدينيين والمدنيين في الإقليم. وجواباً عن سؤال حول ما إن كان "بيزلي" مازال يعتقد أن البابا هو "المسيح الدجال"، قال المتحدث سايمون هاميلتون "لن أخوض في المواضيع الدينية". والواقع أن توقيت الاجتماع يكتسي أهمية كبيرة؛ إذ من المرتقب أن يجتمع رئيسا وزراء بريطانيا وإيرلندا هذا الأسبوع مع زعماء أكبر الأحزاب البروتستانتية والكاثوليكية في إيرلندا الشمالية في محادثات ترمي إلى إعادة الحكم الذاتي إلى الإقليم. ومن العقبات الرئيسية التي تعترض هذه المحادثات رفضُ "بيزلي" المشاركة في حكومة مع "الشين فين"، الجناح السياسي للجيش "الجمهوري الإيرلندي" وأكبر حزب كاثوليكي في الإقليم. ومما يذكر أنه بعد اتفاقات "الجمعة العظيمة" للسلام بين الكاثوليك والبروتستانت عام 1998، انكبت إيرلندا الشمالية على تجربة حكم ذاتي قصيرة، حيث شكلت جمعيتَها التشريعية وفرعها التنفيذي. غير أن التجربة لم تكتمل وسط اتهامات من قبل "الجيش الجمهوري الإيرلندي" بالتجسس، وفشل المنظمة في تفكيك أسلحتها، فأعادت الحكومة البريطانية حكمها المباشر. وقد أعلنت المجموعة المستقلة التي تتولى مراقبة وقف إطلاق النار في إيرلندا الشمالية الأسبوع الماضي، أن "الجيش الجمهوري الإيرلندي"، الذي نبذ العنف رسمياً العام الماضي، لم يوقف أنشطته الإرهابية. هذا وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ونظيره الإيرلندي "برتي آهرن"، قد حددا الرابع والعشرين من نوفمبر المقبل موعداً لجميع الأحزاب كي تحل خلافاتها، وإلا فإن الجمعية النشريعية ستغلق إلى ما لا نهاية. سارة ليال ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسلة "نيويورك تايمز" في لندن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"