أعلنت كل من الصين واليابان عن إحرازهما تقدماً مهماً في معالجة الأحقاد التاريخية والخلافات الحدودية التي توتر علاقاتهما الثنائية، وذلك على هامش الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الياباني الجديد "شينزو آبي" إلى الصين. يُشار إلى أن "شينزو آبي" فضل تخصيص زيارته الأولى إلى بكين ضمن جولته الآسيوية التي ستشمل أيضاً الدول المجاورة. من ناحيته وصف الرئيس الصيني هوجنتاو زيارة المسؤول الياباني البارز إلى بلاده بأنها الزيارة الأولى لزعيم ياباني منذ خمس سنوات، معتبراً أنها "نقطة مفصلية" للبلدين الآسيويين اللذين شهدت علاقاتهما الثنائية بعض التدهور في السنوات الأخيرة. ولم يختلف موقف "شينزو آبي" عن نظيره الصيني، حيث صرح ليلة الأحد بأن زيارته للصين تشكل "منعطفاً حقيقياً في اتجاه الارتقاء بالعلاقات- الصينية اليابانية إلى مستويات أعلى". وقد تصادفت الزيارة مع مخاوف الطرفين من أن تقوم كوريا الشمالية بتجارب نووية في أية لحظة الأمر الذي ساهم في تركيز الانتباه على الانشغالات الاستراتيجية المشتركة وأبعد الحديث عن الخلافات السياسية المستحكمة بين البلدين. من جانبها، أعلنت كوريا الشمالية يوم الاثنين الماضي أنها أقدمت فعلاً على تجربتها النووية، ما حدا بكل من الرئيس الصيني ورئيس الوزراء الياباني للتأكيد في اجتماعاتهما على ضرورة بذل الجهود كافة لإقناع كوريا الشمالية بالعدول عن القيام بالتجارب النووية وحثها على الرجوع إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك لا يبدو أن البلدين توصلا إلى تفاهم مشترك حول رد موحد في حالة إصرار بيونج يانج على إجراء التجارب. وفي هذا السياق صرح رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قائلاً: "لقد رأينا رأي العين أن إجراء أية تجارب نووية لا يمكن التغاضي عنه، لاسيما وأنه يهدد السلام في آسيا والعالم". وتأتي موافقة الصين على زيارة رئيس الوزراء الياباني وسط الغموض الذي يلف موقفها من تهديد كوريا الشمالية بإجراء تجارب نووية، وعشية افتتاح أشغال المؤتمر السنوي للحزب الشيوعي الصيني الذي يعتبر حدثاً سياسياً مهما للقادة الصينيين. وتؤكد هذه الموافقة على رغبة المسؤولين في بكين تقليص وتيرة التوتر في العلاقات مع اليابان. وقد قطع "شينزو آبي" الذي تولى منصب رئيس الوزراء في 26 من شهر سبتمبر الماضي مع تقليد ياباني عريق يخصص من خلاله رئيس الوزراء رحلته الخارجية الأولى إلى واشنطن، وهو ما يؤكد رغبة اليابان في تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع جيرانها الآسيويين. ويتوقع المراقبون أن تكون كوريا الجنوبية المحطة الثانية لـ"شينزو آبي" بعد الصين. وبينما ظلت العلاقات الاقتصادية بين الصين واليابان متينة لا تعكر صفوها شائبة تدهورت العلاقات السياسية بين البلدين، لاسيما بعد الزيارة التي قام بها "جينشيرو كويزومي"، سلف "آبي" إلى مزار "ياسوكوني" المثير للجدل في طوكيو. وتعتبر الصين زيارة ذلك المزار خطوة استفزازية تعيد إلى الذاكرة التاريخ العسكري لليابان خلال الحرب العالمية الثانية وملايين القتلى الصينيين الذين سقطوا في تلك الحرب. غير أن المزار ليس وحده القضية التي تسمم العلاقات بين البلدين، بل تضاف إليها أيضاً مسألة الخلاف حول أحقية استغلال مواقع غنية بالنفط في البحر الشرقي للصين، فضلاً عن خلافات أخرى تتعلق بتطلع اليابان للانضمام إلى مجلس الأمن الدولي وتحالفها المتزايد مع الولايات المتحدة. وعلى غير العادة خصص التلفزيون الرسمي الصيني 12 دقيقة من التغطية المباشرة لزيارة رئيس الوزراء الياباني واجتماعاته مع الرئيس الصيني هوجنتاو ثم مع رئيس البرلمان. ولا تخصص برامج الأخبار الصينية كل هذا الوقت لتغطية لقاء القادة الصينيين مع زوار أجانب إلا إذا كانت تريد أن تؤكد دعم الصين للبلد الذي قدم منه الزائر. وقد نقل عن الرئيس الصيني "هوجنتاو" من قبل وسائل الإعلام الرسمية في الصين قوله لـ"شينزو آبي": "إن زيارتك الحالية إلى الصين تشكل انعطافة في العلاقات الصينية- اليابانية، أتمنى أن تكون نقطة الانطلاقة في تحسين العلاقات الثنائية بين بلدينا وتطويرها إلى الأفضل". جوزيف خان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "نيويورك تايمز" في الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"