عبر التاريخ الأوروبي كانت بلدي أوكرانيا عرضة لسوء فهم كبير في العواصم الأوروبية. فحتى منتصف القرن الماضي كان يشار إليها باسم" أوكرينا" Okraina وهي كلمة تعني حرفياً الأراضي الحدودية الفاصلة بين الحضارة الغربية وبين روسيا النائية التي لا قرار لها. وربما يكون في أوروبا حتى الآن من لا يزال يرانا على هذا النحو على الرغم من أن الأمور قد تغيرت في الواقع في أوكرانيا إلى الحد الذي يفاجئ الكثيرين بمن فيهم نحن الذين لعبنا دوراً في إحداث هذه التغييرات. في الثاني من أغسطس الماضي قام الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو وأنا وغيرنا من الزعماء السياسيين بتوقيع ما عرف بـ"بيان المبادئ" الذي نعتقد أنه سيكون بمثابة حجر الأساس لأوكرانيا الحديثة. وهذا البيان سيوفر مخططاً للحكومة ودليلاً للإصلاحات التي التزمنا بها. ومن بين النقاط الأساسية في هذا البيان: - الإصلاح الاقتصادي. لقد تخلف شعبنا ودولتنا عن غيرهما من الشعوب والدول التي طبقت سياسة "العلاج بالصدمة" الاقتصادية، التي تلتها موجة من الرخاء اجتاحت شرق أوروبا منذ 1989. لقد رأينا ما فعلته سياسات تخفيض الضرائب، وتأمين الرخاء الخاص، وتحرير التجارة لجيراننا في أوروبا وهو ما جعلنا نقرر أن تكون حكومتنا مشجعة للأعمال، وملتزمة ببناء اقتصاد قادر على المنافسة في الأسواق العالمية. وخطوتنا الأولى على هذا الطريق ستكون تمرير القانون المطلوب للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. - التعددية السياسية: صلاحيات حكومتنا موزعة بالعدل، وبما يتفق مع نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر مارس الماضي. فحزب الرئيس يوشينكو وهو "أوكرانيا بيتنا"، لا يزال يسيطر على منصب الرئاسة والمناصب الوزارية في الشؤون الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي. أما الحزب الذي أنتمي إليه، وهو "حزب المناطق"، فيسيطر على منصب رئيس الوزراء، وعلى الغالبية العظمى من المناصب الوزارية بشكل عام (التي تتركز بشكل أساسي على الاقتصاد). أما(أليكساندر موروز) رئيس "الحزب الاشتراكي"، فهو رئيس البرلمان وعضو الائتلاف الحاكم. أما معارضتي السياسية وهي "يوليا تيموشينكو" فهي رئيسة أكبر كتلة معارضة في البرلمان، علاوة على أنها قامت بترشيح نفسها بالفعل لمنصب الرئيس في انتخابات 2009. البرلمان الأوكراني قد يكون في بعض الأحيان أقل صرامة من الكونجرس الأميركي ولكنه ليس أقل تمثيلاً منه بأي حال من الأحوال. - العلاقات الإيجابية مع روسيا وتوسيع هذه العلاقات متى ما كان ذلك ممكناً. إننا نؤمن بأن جوهر نظرية التجارة الحرة والدبلوماسية هو احترام الشخصية السياسية والسيادة الحرة للدول الأخرى. ونحن نؤمن بأن هذه المبادئ هي التي ستهدي علاقاتنا مع روسيا في طائفة من الموضوعات المشتركة بما في ذلك مناقشاتنا حول أمن الطاقة والاستثمارات التي تتم عبر الحدود. إنني والرئيس "يوشينكو" نوافق أيضاً على أن أوكرانيا قد اختارت طريق التقارب مع أوروبا، وأننا سنسعى إلى إقامة علاقات أكثر وثوقاً مع جميع المؤسسات الأوروبية والأرو- أطلسية. ونحن نعمل في الوقت الراهن بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي على خطة عمل للإصلاحات، تتم في إطار ما يعرف بـ"سياسة الجوار الأوروبي"، التي نأمل أن تقود إلى البدء في مفاوضات للتوصل إلى اتفاقية للتجارة الحرة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي. وإلى ذلك نقوم بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل تطوير خطة عمل للتوصل لإجراءات لمحاربة الفساد والإصلاح القضائي بموجب منحة من مؤسسة "ميلينيوم تشالينج كورب" أو "مؤسسة تحدي الألفية"، كما أننا ملتزمون إلى جانب ذلك بمواصلة التعاون الفعال مع حلف "الناتو". ونظراً لأن علاقتنا بـ"الناتو" كانت مصدراً لبعض البلبلة والتشويش، فإنني سأحاول أن أكون واضحاً هنا. لقد قمنا أنا والرئيس بتأمين قانون يسمح للقوات الأوكرانية بالمشاركة في تمارين "الناتو" سواء كانت تلك التمارين تتم في أوكرانيا أو أي مكان آخر. ونحن ننوي مواصلة السعي لتحقيق إصلاحات في مجال الدفاع. وعندما يتم توجيه دعوى لنا، فإننا سنقوم بعقد استفتاء يمكن من خلاله للشعب الأوكراني أن يحدد اختياره الحر. غير أنه مهما يحدث في هذا الشأن فإنه يجب ألا يكون هناك أي شك حول توجه أمتنا الأوروبي. في النهاية أقول إن أوكرانيا كانت دوماً وستظل دولة تتمتع بتنوع كبير. فنحن لدينا أكبر جالية يهودية في أوروبا كما يوجد لديَّ أنا شخصياً العديد من الأصدقاء الذين ينتمون إلى الديانة الإسلامية، ولدينا بالطبع عدد لا يحصى من الملل المسيحية بما في ذلك ثلاث ملل أرثوذكسية على الأقل. ونحن نتكلم لغتين الروسية والأوكرانية. واللغة الروسية تنتشر في المناطق الشرقية من البلاد، وأنا نفسي أتكلم الروسية ولكن هذا لا يعني أبداً أن الحزب الذي أقوده موالٍ لروسيا لأن الحقيقة هي أنه ليس كذلك، تماماً مثلما أن الأميركيين المتحدثين بالأسبانية والأعضاء في الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي" ليسوا موالين لأسبانيا ولا موالين لأية دولة أخرى. هكذا هو حزبي وهكذا هو أي حزب آخر في أوكرانيا فجميع هذه الأحزاب ملتزمة بهدف تحقيق الوحدة الثقافية والاستقلال السياسي للأمة الأوكرانية ذات السيادة ولا تحيد عن هذا الهدف. فلتكونوا على ثقة من أن الأوروبيين والأميركيين لن يبحثوا بعد الآن عن أوكرانيا في أي مكان هناك على الحدود الفاصلة بين أووربا وبين روسيا. فبعد أن استكملنا إصلاحاتنا وبنينا اقتصادنا فإن أوكرانيا سيصبح بالإمكان العثور عليها في قلب العالم الأورو-أطلسي. فيكتور يانوكوفيتش ـــــــــــــــــــــــــــــــــ رئيس وزراء أوكرانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست"