استلمت منظمة حلف شمال الأطلسي يوم الخميس الماضي قيادة القوات الأميركية التي تقاتل المتمردين في المناطق الشرقية من أفغانستان لتضع التحالف الغربي أمام مسؤولياته في حفظ الأمن وفرض الاستقرار في أفغانستان، بينما تشهد البلاد ارتفاعاً مطرداً في حدة العنف. وقد اعتبر الجنرال البريطاني "ديفيد ريتشاردز"، القائد الأعلى لقوات حلف "الناتو" في أفغانستان انتقال الجنود الأميركيين إلى إمرته حدثاً تاريخياً بالنسبة للحلف وأفغانستان معاً، مؤكداً أن انضمام القوات الأميركية إلى سلطته لا يعني أبداً خفض القدرات القتالية لتلك القوات، أو كبح صلاحياتها في مواجهة التمرد. وفي هذا الصدد صرح الجنرال "ريتشاردز" خلال احتفال نقل السلطات الذي حضره الرئيس الأفغاني حميد قرضاي "إنه بانضواء القوات الأميركية تحت سلطة موحدة، فإننا نزيد من فعاليتها، ونسرع من عملية إعادة الإعمار لما فيه خير ومصلحة جميع الشعب الأفغاني". واليوم بعد انضمام القوات الأميركية يصل عدد قوات "الناتو" في أفغانستان إلى 31 ألف جندي تنتمي إلى 37 دولة من بينها 10 آلاف جندي أميركي ترابط في المناطق الشرقية المتاخمة لباكستان. ورغم تعهد الرئيس الباكستاني برويز مشرف بكبح جماح المتمردين والقضاء عليهم، فإن الهجمات على الحدود مازالت مستمرة. وسيبقى حوالي 8 آلاف جندي أميركي تحت السلطة المباشرة للقيادة الأميركية لتواصل نشاطاتها المكثفة ضد الإرهاب في أفغانستان، ولدعم جهود إعادة الإعمار، فضلاً عن تدريب القوات الأفغانية وتزويدها بالمعدات التي تحتاجها. الجنرال "كارل إيدنبوري"، قائد القوات الأميركية في أفغانستان يقول: "ستواصل القوات الأميركية عملها إلى جانب حلف شمال الأطلسي وستبقى القوة الأهم في ملاحقة المتمردين، حيث سنحافظ على قدراتنا القتالية لضرب تنظيم القاعدة والجماعات المتحالفة معه". وكانت قوات "الناتو" قد وافقت في البداية على نشر قواتها في أفغانستان كجزء من جهود حفظ السلام، لكنها سرعان ما انخرطت في عمليات قتالية تعتبر الأولى من نوعها التي يقوم بها الحلف على امتداد 57 سنة من تاريخه. وبينما تشهد أفغانستان ارتفاعاً كبيراً في العمليات الإرهابية التي ينفذها المتمردون يسعى قادة "الناتو" إلى إقناع الدول الأعضاء في الحلف الالتزام بتعهداتها السابقة وإرسال قوات إضافية يصل قوامها إلى 2500 عنصر. ومنذ أن تولى الجنرال "ريتشاردز" قيادة القوات بجنوب أفغانستان في 31 يوليو قتل 16 من أفراد القوات الأجنبية بنيران معادية، بمن فيهم سبعة جنود أميركيين. وقد تكبدت القوات الأميركية خلال السنة الجارية أكبر عدد من القتلى بين جميع القوات الأجنبية العاملة في أفغانستان، حيث سقط 50 جندياً أميركياً بنيران معادية وتلتها القوات الكندية التي سقط منها 27 قتيلاً لتتكبد ثاني أكبر عدد من حيث القتلى بين القوات الأجنبية. وساهم العدد الثقيل نسبياً للضحايا الكنديين بأفغانستان في إثارة جدل كبير في الساحة السياسية الكندية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً أن 59% من المستجوبين يعتبرون أن القوات الكندية "يقتل أفرادها من أجل قضية خاسرة". وفي استطلاع آخر للرأي عبر أكثر من نصف الكنديين عن تخوفهم من أن بلادهم أصبحت أكثر تعرضاً لهجمات إرهابية بسبب تواجد قواتها في أفغانستان. وقد أكد القائد العام لحلف شمال الأطلسي الجنرال الأميركي "جيمس لونز" بأن الحلف قادر على النهوض بالتحديات العسكرية في أي مكان من العالم، لكنه أضاف أن الصراع في أفغانستان صعب للغاية، وأنه لا يتوقع أن يحل بالوسائل العسكرية. وفي تصريح أدلى به يوم الأربعاء الماضي أمام مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن أكد الجنرال "جيمس لونز" أن هزيمة التمرد مرتهنة "بالتقدم على مسار إعادة البناء، والتقدم المحرز في مجال الإعانات الدولية لأفغانستان". ورغم الجهود التي تبذلها قوات "الناتو" للقضاء على المتمردين ونجاحها في قتل العديد منهم بعد تأكيد قيادة "الناتو" أنها قتلت المئات من المتمردين في الآونة الأخيرة، إلا أن استمرار سقوط قوات الأمن الأفغانية في هجمات للمتمردين يزعزع ثقة الشعب في "الناتو" وقدرته على إحلال الأمن بعد مرور خمس سنوات على رحيل حكم "طالبان". بول ووتسون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محرر الشؤون الخارجية في "لوس أنجلوس تايمز" ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"