في الوقت الذي تتزايد فيه احتمالات قيام مجلس الأمن الدولي بمنح الاستقلال لإقليم كوسوفو، تبنت حكومة صربيا دستوراً جديداً يؤكد على ما تعتبره حقا لا جدال فيه في "المقاطعة". فقد وافق البرلمان الصربي بأغلبية كاسحة يوم السبت الماضي على الدستور الذي يتضمن مادة تُعرّف كوسوفو التي تديرها حالياً الأمم المتحدة بأنها "جزء لا يتجزأ" من صربياً. ومصير كوسوفو هو الموضوع الذي تدور بشأنه المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة والتي تجري بين الحكومة الصربية وبين السكان المنتمين إلى العرقية الألبانية والمقيمين في المنطقة. فالألبان يريدون الاستقلال في حين تطالب حكومة صربيا والجالية الصربية الصغيرة المقيمة في كوسوفو بأن تظل كوسوفو جزءاً من صربياً. يعتقد عدد قليل من الدبلوماسيين الغربيين أن المجموعتين ستكونان قادرتين على التوصل لاتفاقية، وأنهما سيتركان الأمر لمجلس الأمن الدولي كي يحسمه بمعرفته، ومن المتوقع أن يقوم المجلس بمنح كوسوفو استقلالها بحلول نهاية العام. ويذكر أن الدول التي تقود جهود الوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة بغرض التوصل لاتفاقية(تشمل الولايات المتحدة وروسيا) قد دأبت على بذل محاولات للحصول على تعهدات من قبل السكان الألبان في الإقليم بعدم ممارسة التمييز ضد، أو إيذاء الأقلية الصربية في حالة منح الاستقلال للإقليم، وذلك بغرض إقناع صربيا بالموافقة على منح كوسوفو استقلالها في نهاية المطاف. ولكن الدبلوماسيين الغربيين يقولون إن صربيا قد ظلت متصلبة طول الوقت بشأن الموافقة على انفصال الإقليم وإن قيامها بتمرير الدستور ما هو إلا محاولة أخرى للإشارة إلى أنها لن تقبل استقلال كوسوفو بسهولة. ويخشى هؤلاء الدبلوماسيون من أن تؤدي عدم موافقة صربيا على استقلال كوسوفو إلى إثارة القلاقل خصوصاً على ضوء معارضة الأقلية الصربية في الإقليم لتشكيل حكومة يهيمن عليها الألبان. يذكر في هذا السياق أن كوسوفو على الرغم من كونها جزءا من صربيا، إلا أنها ظلت تُدار من قبل الولايات المتحدة منذ عام 1999 وذلك عندما أُجبرت القوات اليوغسلافية على الانسحاب من هناك بعد تعرضها لقصف طائرات "الناتو" استمر عدة شهور. وتشير الإحصائيات أنه خلال عامي 1998، و1999 لقي قرابة 10 آلاف شخص معظمهم من المدنيين الألبان مصرعهم، وذلك بعد أن قام الجيش اليوغسلافي الذي يسيطر عليه الصرب والشرطة الصربية بشن هجوم على التمرد الذي قام به الألبان في ذلك الوقت. ويشار إلى أن الدستور الصربي الجديد الذي تمت صياغته بعد انفصال دولة صربيا والجبل الأسود في شهر مايو الماضي، ما زال بحاجة للحصول على موافقة من خلال استفتاء شعبي حُدد له يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر أكتوبر الجاري، حتى يتسنى له التحول إلى قانون رسمي. يشكل الصرب عشرة في المئة من سكان كوسوفو ويعيش معظمهم في معازل خاصة بسبب خشيتهم من التحرك بحريه في الإقليم خوفاً من تعرضهم لهجمات من قبل الألبان. في خطاب له أمام برلمان صربيا السبت الماضي قال رئيس وزرائها" فوييسلاف كوستونيتشا":"بدفاعكم عن كوسوفو وميتوهيجا باعتبارهما يمثلان مصلحة قومية حيوية لنا تكونون قد قررتم بالإجماع تبني دستور جديد يؤكد على أن كوسوفو وميتوهيجا ينتميان لنا" (كوسوفو وميتوهيجا هما ما يطلق عليه الصرب لفظ مقاطعة). في تطور منفصل أعلن حزب مهم في حكومة كوستونيكا الائتلافية نهاية الأسبوع الماضي أنه يزمع الانسحاب من الحكومة وقال الحزب وهو حزب "جي 17بلاس" الموالي لأوروبا إن وزراءه سينسحبون بسبب ما وصفوه بالجهود الهزيلة التي تبذلها حكومة صربيا للقبض على "راتكو ملاديتش" المشتبه بارتكابه لجرائم حرب في البلقان والقائد السابق لجيش صرب البوسنة. وفي البوسنة المجاورة ذهب الناخبون إلى الدوائر الانتخابية يوم الأحد الماضي في مؤشر على انتهاء الفترة التي كانت الأحزاب السياسية متهمة فيها من قبل المراقبين الدوليين بإثارة التوتر بين المجموعات العرقية. ستؤدي تلك الانتخابات إلى تعيين ممثلين للمؤسسات الحكومية في البوسنة التي أنشئت بموجب اتفاقية "دايتون" للسلام، والتي أنهت الحرب الأهلية التي اندلعت في البوسنة واستمرت لمدة ثلاث سنوات. وهذه المؤسسات تشمل البرلمان، والمجلس الرئاسي المكون من ثلاثة ممثلين ينوب كل واحد منهم عن مجموعة من مجموعات البوسنة العرقية وهي: الصرب المسيحيون الأرثوذكس، والبوسنيون المسلمون، والكروات المسيحيون الكاثوليك. ـــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"