خطا "بان كي مون"، وزير خارجية كوريا الجنوبية، يوم الخميس خطوات كبيرة وثابتة نحو خلافة كوفي عنان كأمين عام للأمم المتحدة بعدما حافظ على تقدمه الكبير على ستة مرشحين آخرين في الاقتراع غير الرسمي الثالث الذي أجراه مجلس الأمن الدولي. أما الاقتراع غير الرسمي الرابع والحاسم، فسيتم إجراؤه يوم الاثنين المقبل؛ ومن المرتقب أن يذهب إليه "بان" وفي حوزته 13 صوتاً مؤيداً من أصوات أعضاء مجلس الأمن الـ15، باعتباره المرشح الوحيد الذي يتوفر على الأصوات التسعة الضرورية للحصول على المنصب. وبعد غد الاثنين، من المنتظر أن تحمل بطاقات تصويت الأعضاء الخمسة الدائمين -بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة- لوناً مختلفاً عن الألوان الأخرى، من أجل معرفة ما إن كانت دولة من الدول التي تتوفر على حق "الفيتو" قد استعملته. والواقع أنه ما لم يتم استعمال "الفيتو"، فإن انتخاب "بان" في تصويت رسمي لاحق يبدو أمراً مؤكداً. وفي هذا الإطار، يقول "بان" في حوار هاتفي من سيئول بعد عودته من نيويورك "لقد شُجعت بمستوى الدعم الذي لقيته، وآمل أن أحظى بدعم الجميع". وقد سافر "بان"، البالغ 62 عاماً، كثيراً أثناء حملة ترشحه لمنصب الأمين العام خلال الأشهر الستة الأخيرة، وأُثيرت أسئلة عديدة حول مدى فعالية أسلوبه المتواضع والهادئ في جلب الانضباط والانسجام إلى منظمة يعمها التنافس وتحتاج إلى التنظيم مثل الأمم المتحدة. وفي هذا الإطار، يقول "بان": "أُدرك اليوم أن بعض الناس يعتبرونني شخصاً يفتقر إلى الزعامة القوية. غير أنني قلت لهم إنني إذا كنت أتكلم بهدوء ولا أبدو صارماً وحازماً، فإنه لا ينبغي اعتبار ذلك افتقاراً إلى التصميم أو الالتزام". ويضيف قائلاً: "يتميز بعض الناس بطباع مختلفة، إذ يتحدثون بصوت مرتفع ولديهم موقف لافت. ولكنني أعتقد أن لدي جاذبيتي الخاصة". و"بان كي مون" حائز على درجة الماجستير من كلية كينيدي للإدارة التابعة لجامعة "هارفارد" الأميركية، وقد عمل سفيراً لبلاده مرتين في واشنطن. كما كان مديراً عاماً للشؤون الأميركية في وزارة خارجية كوريا الجنوبية. كما يحظى المرشح الكوري الجنوبي بدعم ومساندة إدارة بوش، ومعروف بكونه حليفاً لواشنطن. ونتيجة لذلك، ففي حال نيله للمنصب، يُتوقع أن يكون ذلك الجانب من شخصيته محط تدقيق ومراقبة في الأمم المتحدة، حيث التوتر بين الولايات المتحدة وبلدان العالم النامي في تزايد. وفي هذا السياق، يقول "بان" نفسه: "لدي أصدقائي في الولايات المتحدة، وأعتقد أنه أمر يمكن أن يكون امتيازاً كبيراً لي بدلاً من أن يكون مصدر قلق لآخرين"، وأضاف قائلاً: "والحقيقة أن البلدان في العالم الثالث، وفي أفريقيا، وفي الشرق الأوسط، وفي جنوب شرق آسيا، وفي أميركا اللاتينية تعرف أنني صديقها الوفي أيضاً". ومن المقرر أن يتنحى "عنان" في الحادي والثلاثين من ديسمبر المقبل، بعد ولايتين من خمس سنوات. وبمقتضى القواعد المعمول بها في الأمم المتحدة من أجل اختيار الأمين العام، يقوم مجلس الأمن الدولي باختيار اسم وإرساله إلى الجمعية العامة المشكَّلة من 192 عضواً قصد المصادقة عليه. وينتمي ستة من المرشحين السبعة إلى القارة الآسيوية، وهو ما يتماشى مع مفهوم التناوب غير المتعارف عليه بالأمم المتحدة والذي يرى أن الدور قد حل على آسيا هذا العام لشغل الوظيفة العليا في المنظمة الأممية. أما آخر آسيوي يشغل منصب أمين عام الأمم المتحدة، فقد كان "لي يو ثانت" من بورما، والذي غادر منصبه في 1971. ومما يذكر أنه يُطلب من الأعضاء الخمسة عشر لمجلس الأمن الدولي في الاقتراعات غير الرسمية أن يضعوا علامة على واحدة من ثلاث خانات -"أُشجِّع" أو "لا أشجِّع"، أو "من دون رأي"- بعد اسم كل مرشح. والواقع أن مجموع الأصوات المؤيدة التي حصل عليها "بان كي مون" في الاقتراع الأخير انخفض بصوت واحد مقارنة مع مجموع الاقتراع السري السابق الذي جرى في الرابع عشر من سبتمبر الماضي، لأن واحداً ممن كانوا صوتوا بـ"التشجيع" اختار لاحقاً "بدون رأي". ومع ذلك، فقد وسّع "بان" الفارق بينه وبين أقرب منافسيه مساعد الأمين العام المكلف بالمعلومات، "شاشي ثارور"، البالغ من العمر خمسين عاماً، والذي تدنى دعمه من 10 أصوات مؤيدة إلى 8. وقد حصلت رئيسة لاتفيا والمرأة المترشحة الوحيدة لهذا المنصب، "فيرا فايك فريبيرغا"، البالغة من العمر 68 عاماً، على 7 أصوات مؤيدة. أما المرشح الجديد الآخر، وزير المالية الأفغاني السابق والمستشار الحالي لجامعة كابول أشرف غاني، البالغ 57 عاماً، فقد تمكن من الحصول على ثلاثة أصوات مؤيدة. هذا وانخفضت الأصوات المؤيدة لنائب رئيس وزراء تايلاند "سوراكيرات ساتيراتاي"، البالغ من العمر 47 عاماً، من تسعة أصوات إلى خمسة. في حين لم يحصل كل من سفير الأردن إلى الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد، البالغ من العمر 42 عاماً؛ ومساعد الأمين العام السابق، وهو السيريلانكي المكلف بنزع السلاح "جايانتا دانابالا"، البالغ من العمر67 عاماً، سوى على ثلاثة أصوات مؤيدة. وارين هوج ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "نيويورك تايمز" في مقر الأمم المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"