قد لا أختلف في الرأي مع البعض حين يقولون صراحة إن صدام حسين ومساعديه، في غنى عن محاكمة تدينهم، وإنه من الأولى أن يوقع بهم الشعب بعض الذي أوقعوه به، لولا أن أصول العدالة تقتضي حق المتهم في محاكمة عادلة! فهل تحقق لهم ذلك في الواقع؟ تشكيلة المحكمة الحالية التي جرى بناؤها حين كانت دولة العراق بكل مؤسساتها خاضعة لإرادة المحتل الأجنبي، توضح أن عضويتها موزعة على أساس طائفي ثنائي بحت. وقد حدث في هذا الإطار تبادل للمواقع والقضايا مثير للتساؤل والاشتباه؛ فقضية الدجيل التي أعطيت بعداً طائفياً واعتبرها القادة الشيعة جريمة من جانب النظام "السُّني" ضد طائفتهم، وُكِلَت لقاضٍ كردي، لكن مهنيته واتزانه لم ينالا إعجاب عدد من المتطرفين المتنفذين في الحكومة القائمة، فقرروا إبعاده، كتدخل منهم في سير العملية "القضائية"، فحل محله قاض كردي آخر أثير حول خلفياته الحزبية وسلوكه البادي أثناء المحاكمة، ما أثير! أما قضية الأنفال التي تخص الأكراد، فوكلت لقاض شيعي، كما لو أن في الأمر نوعاً من رد "الجميل"، لكنه هو أيضاً لم يكن بمستوى الحزم الذي أراده متطرفو الأكراد في السلطة الحالية، فتدخلوا لعزله وتعيين قاض شيعي آخر أتى إلى قاعة المحكمة ومعه ما معه من توصيات وأوامر حادة وقاسية! فهل المحكمة الحالية لصالح مرحلة ما بعد الغزو -حيث يعرف العالم كيف كانت تتم المحاكمات في عهد صدام- أم هي على المرحلة الحالية؟ عثمان حسن- كندا