قراءة في خطاب بلير... ومغزى استئناف البرنامج النووي المصري خطاب توني بلير الأخير أمام حزب "العمال"، والجدل حول تنامي الوجود الإسلامي في بريطانيا، وإعلان مصر عن خطط لاستئناف برنامجها النووي، وتعيين رئيس الوزراء الياباني الجديد... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية على الصحف البريطانية. * "لندن وظلال المسجد العملاق": هكذا عنون "فيليب جونستون" تقريره في "الديلي تلغراف" يوم الاثنين الماضي والذي أشار في بدايته إلى اللوم الذي وجهه أحد الناشطين الإسلاميين ويدعى "أبو عز الدين" إلى وزير الداخلية البريطاني "جوني ريد" لتجرئه على زيارة منطقة إسلامية وإلقاء خطاب فيها واتهامه له بأنه مُعادٍ للمسلمين وهو ما دعا الوزير إلى الإدلاء بتصريح قال فيه "إن البعض أصبحوا يظنون أن شرق لندن قد أصبح منطقة إسلامية صرفه محظور دخولها على وزراء الحكومة البريطانية". بعد ذلك انتقل الكاتب للحديث عن الجدل الدائر حول المسجد العملاق الذي سيطلق عليه اسم مركز لندن الإسلامي والذي سيكون أكبر مسجد في أوروبا كلها حيث سيتسع لـ40 ألف مُصلٍّ، بتكلفة تتراوح بين 100 إلى 300 مليون جنيه إسترليني يتوقع أن توفرها السعودية. وعرض الكاتب للشكوك التي عبرت عنها بعض الجهات المسيحية التي تطالب بالتحقيق في مصادر تمويل المشروع والهدف من بنائه وخصوصاً وأن تحويله لمركز سيعني استقطاب المسلمين وانفصالهم عن المجتمع، مما يتنافى مع دعاوى الاندماج التي تتبناها الحكومة البريطانية. وأشار الكاتب إلى أن المسجد المقترح سيتم بناؤه إذا تمت الموافقة عليه بجانب المركز الأوليمبي الذي ستقام عليه أولمبياد عام 2012، وأنه عندما تبدأ فعاليات هذه الأولمبياد ويتم نقلها تلفزيونياً لجميع أنحاء العالم، فإن خلفيه الصورة ستكون هي مآذن هذا المسجد العملاق عندما يكتمل بناؤه. * "مصر وإحياء برنامجها النووي": المقال الذي كتبه كل من "ويليام واليس" مراسل "الفاينانشيال تايمز" و"رولا خلاف" المحررة بالصحيفة والمنشور أول من أمس الثلاثاء، تطرق إلى إعلان مصر المفاجئ عن استئناف خططها لتطوير محطات قوى نووية. وأشار الكاتبان إلى ما يقوله المحللون من أن توقيت الإعلان عن استئناف البرنامج يحمل في طياته مغزى معيناً، إذ يتزامن مع قيام الغرب بالإعلان عن قلقه جراء البرنامج النووي الإيراني والتداعيات التي يمكن أن يؤدي إليها. واستشهد الكاتبان بما قاله أحد خبراء الانتشار النووي والخبير بمعهد لندن للدراسات الاستراتجية من أنه ليس هناك ما يدعو للمبالغة في مغزى الخطط المصرية وأن كان استئناف هذا البرنامج يحمل بعداً أمنياً، وأن مصر شأنها في ذلك شأن السعودية وتركيا كانت هي الدول التي يتوقع لها أن تكون أكثر استجابة من غيرها للبرنامج النووي الإيراني، وأن خطط مصر لبناء بنية علمية تعد خطوة احترازية طبيعية، وأن مصر ليست لديها حتى الآن خطط لإنشاء مرافق لتخصيب اليورانيوم، وهو الأمر الذي يمكن أن يثير شكوكاً حول نيتها لإنتاج أسلحة نووية. وحسب الكاتب لدى مصر حافز اقتصادي كبير لبناء هذا المشروع، وأنها لم تشأ أن تتخلف عن بقية الدول التي تسعى إلى التقنيات المتقدمة، خصوصاً أن استئناف البرنامج النووي، يمنحها المزيد من النفوذ في المسائل الخاصة بالانتشار النووي على المستوى الإقليمي. * "بلير يعزف لحن الوداع": في افتتاحيتها أمس الأربعاء، تناولت "الديلي تلغراف" الخطاب الأخير الذي ألقاه بلير في مؤتمر حزب "العمال"، وركزت على أجزاء معينة منه ووصفته أن يختلف عن الخطاب الذي ألقاه "براون" قبلها بيوم، فهو كان حاداً في نقده، وآسراً من الناحية الإنسانية، ولاذعاً دون خفة وأن الكثير من الملاحظات التي أبداها تلمح إلى قدرات -إن لم تكن شخصيه خليفته المفترض- ومن تلك الملاحظات تركيزه على أهمية قيم الولاء الحزبي، وإلى أهمية الشعور بالعرفان للزملاء الذي قبلوا أن يتقهقروا، ليسمحوا لآخرين أن يتقدموا عليهم. وكانت أقوى تلك الملاحظات غمزاً من "براون" قوله إن ما يهمه هو فوز الحزب في الانتخابات القادمة بصرف النظر عمن يقوده. وأشارت الصحيفة إلى أن بلير قد تجنب إعلان تأييده الواضح لترشيح "براون" لرئاسة الحزب. ومن النقاط الأخرى التي تناولها بلير، التنبيه إلى أهمية قيام الحزب بتكييف سياساته مع احتياجات الأجيال الجديدة حتى لا يفقد تلك الانتخابات، ودفاعه عن سياساته المثيرة للجدل، وانتهازه الفرصة للنيل من "ديفيد كاميرون" رئيس حزب "المحافظين" لخضوعه لآراء التيار المعادي لأميركا، وأنه لم ينس أن يختتم خطابه بتنبيه مستمعيه إلى أنه قد فاز بالانتخابات ثلاث مرات متتالية، وأنه رجل أثبت قدرته على الانتصارات، ومن الصعب أن يأتي مكانه رجل قادر على تحقيق ما حققه. * "شينزو آبي والتعامل مع ماضي اليابان ومستقبلها": في افتتاحيتها أمس الأربعاء علقت "التايمز" على وصول "شينزو آبي" إلى منصب رئيس وزراء اليابان، وقالت إن الرجل سيحتاج إلى كثير من الجهد كي يؤسس لنفسه شعبية، كتلك التي حظي بها سلفه رئيس الوزراء المنتهية ولايته جونيشيرو كويزومي، الذي استطاع بكاريزميته أن يضفي على منصب رئيس الوزراء جاذبية طالما افتقر إليها، كما سيتعين عليه أن يواصل الإصلاح الذي بدأه سلفه، وأن يعمل على تعزيزه حتى لا تجد اليابان نفسها، وقد تخلفت عن غيرها من العمالقة الآسيويين على أن يكون حريصاً في الوقت ذاته، على ألا يكون صورة طبق الأصل منه، وخصوصاً في الأمور التي أثارت حوله الكثير من الجدل ومنها التعامل مع التاريخ الياباني، وأن عليه أن يجد طريقة، يعبر بها عن اعتزازه بتضحيات اليابانيين في الحرب، دون أن يثير حفيظة جيرانه كما كان يفعل كويزومي من خلال زياراته السنوية لمزار "ياسوكوني" وأن يعمل على توطيد علاقاته مع الصين وكوريا الجنوبية وأميركا، وهو ما يعرب المقال عن الأمل في تحققه على ضوء ميول رئيس الوزراء الجديد الموالية لأميركا، وأن يعمل على تحرير سوق العمل وسوق المال اليابانيين، وإزالة كافة العوائق التي تحول دون انطلاق الاقتصاد، وتحقيق المزيد من الانفتاح على العالم، فهذه بحسب الصحيفة، هي الطريقة التي ستجعل اليابان تربح هويتها الحقيقية، لا القيام بزيارات سنوية لمزار يخلد ذكرى ضحايا الحرب اليابانيين. إعداد: سعيد كامل