لازالت إيران مترددة وغير قادرة على حسم موقعها بين مساري الاعتدال والتطرف؛ سواء في تعاطيها مع قضايا الداخل، بما فيها القبول بمبدأ التعددية السياسية والتنوع الثقافي، أو فيما يتصل بعلاقاتها مع المجتمع الدولي، خاصة لجهة الالتزام بالأعراف والقيم الأساسية لهذا المجتمع، وأهمها احترام السيادة الوطنية للدول، ونبذ العنف كأسلوب في معالجة الخلافات. ظهر في إيران تيار أطلق عليه "الإصلاحيون"، وقد بدا في حينه كما لو أنه صيغة لإعادة توجيه السياسات "الثورية" لإيران الخميني وضبطها؛ لكن هذا التيار، بزعامة الرئيس السابق محمد خاتمي، أخفق في تحقيق أطروحاته المعلنة، وذلك لأسباب ليس هنا مجال بسطها، بل أثبت مع مرور الوقت أنه تيار معزول في الداخل وغير قادر على الاتجاه بإيران نحو الاعتدال والواقعية والاندماج في روح العصر! وجاءت نهاية التيار الإصلاحي مع انتخاب الرئيس الحالي أحمدي نجاد، والذي هو امتداد مباشر لعهد الخميني، بل يرى نفسه المجدد الذي يعيد إحياء ما اندرس من مقولات وسياسات ذلك العهد! وفي حين أن قيوداً كثيرة من واقع المرحلة، تحول دون استعادة التوجهات الخمينية بحذافيرها، فإن إيران المتطلعة إلى عهدها الثوري السابق، تظل مترددة وحائرة عند مفترق طرق بين الدولة والثورة، الواقعية والطوباوية، الاعتدال والتطرف! سمير أنس- لبنان