في إطار تحركات مهمة لتوفير وظائف للأعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل من المواطنين، تضع توجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أساساً مهماً للتعامل مع ظاهرة البطالة، من خلال ردم الفجوة بين متطلبات سوق العمل وتخصصات العاطلين كشرط مسبق قبل التحرك نحو أي حلول دائمة لاستئصال هذه الظاهرة. فقد وجه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى القيام بحملة وطنية لمواجهة ظاهرة البطالة، تستند إلى عدة محاور ومرتكزات، من بينها غرس قيم جديدة في نفوس الطلاب وأولياء الأمور، وإعداد برامج لتعريفهم بالمتطلبات الحقيقية لسوق العمل تمكنهم من الاختيار الأفضل للتخصصات التي تنسجم مع الوظائف المطلوبة في القطاعين العام والخاص. كما تقرر في إطار هذه الحملة إطلاق مشروع لإعادة تأهيل العاطلين عن العمل، بناءً على حصر شامل للوظائف محل الطلب في القطاعين العام والخاص، بحيث يدخل الباحثون عن عمل من خريجي الكليات النظرية والتخصصات التي ثبت تشبع السوق منها، دورات دراسية وتدريبية مكثفة وتستمر من سنة إلى سنتين، يكتسب خريج الكلية النظرية من خلالها مهارات في المحاسبة أو إدارة الأعمال أو الإدارة العامة أو التأمين أو تحليل نظم المعلومات وغيرها، تؤهله للعمل في هذه القطاعات، على أن يتم ذلك بالاتفاق مع جهات توظيف تضمن استيعاب العاطلين الذين أعيد تأهيلهم خصيصاً، بما يحقق التوازن بين استراتيجية التوظيف واستراتيجيتي التعليم والتطوير الوظيفي في الدولة، وتحديد النقاط ذات النفع المتبادل. خلافاً لجميع الخطط والاستراتيجيات النظرية منها وتلك التي تم تنفيذها بالفعل للتخفيف من حدة البطالة في الدولة، فإن التوجه الأخير يتعامل مع الظاهرة من خلال إزالة العلل والاختلالات الهيكلية الأساسية التي تؤدي إلى إفراز ظاهرة البطالة في الأساس، وهو أسلوب جديد للمواجهة لم تطرقه الجهات المعنية من قبل، بل ركزت على نظام المحاصصة وفرض حصص التوظيف بنسب محددة وفي قطاعات معينة، على أساس قرارات لا تركز على عوامل الاستقرار الحقيقية للمواطنين في سوق العمل، ما أفرز بدوره عدداً من السلبيات الخطيرة على مستويات الإنتاجية. إن أكبر العلل التي أسهمت في إيجاد ظاهرة البطالة بين المواطنين هي أن مخرجات التعليم لا تتطابق مع سوق العمل، الأمر الذي ينتج عنه أعداد كبيرة من الخريجين لا تتوافق قدراتهم أو مؤهلاتهم مع الوظائف المتاحة. وهذه الإشكالية الهيكلية تتصدى لها توجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بشأن ضرورة تدريب العاطلين كشرط أساسي يسبق أي تحركات تنفيذية للسيطرة على ظاهرة البطالة المتفاقمة. وهذا التوجه الجديد يستهدف استئصال مشكلة البطالة من جذورها، وهو توجه يقتضي تعاون المؤسسات التعليمية والوزارات والدوائر الحكومية المعنية ومؤسسات سوق العمل، وهو بذلك يجمع ما بين شمولية المعالجة وعمق التأثير. إن السنوات المقبلة يجب أن تشهد تحركات جادة لترشيد قبول الطلاب في الجامعات وفي أقسامها النظرية مع ضرورة تطوير برامجها ومساقاتها باستمرار، إذ إن توظيف المواطنين في سوق العمل المحلي يعد عملية مستمرة ولكنها متجددة أيضاً، فهي لا تسير بوتيرة واحدة وإنما تتشكل كماً وكيفاً ومضموناً، وفقاً لمتطلبات كل مرحلة على حدة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية