حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي طالبت الولايات المتحدة وأوروبا بتشكيلها منذ عدة أشهر واشترطتا ذلك لرفع الحصار الجائر عن الشعب الفلسطيني... ها هي أصبحت الآن على الأبواب، وقد قبلت غالبية أطياف الحركة السياسية الفلسطينية بالمشاركة فيها، أما قرار التكليف فينتظر أن يصدره الرئيس أبومازن خلال الساعات القادمة... لكن ماذا بعد؟! يمثل قرار التكليف وإقالة الحكومة الحالية، تتويجاً مباشراً للضغوط الغربية الرهيبة التي تعرضت لها الحكومة الفلسطينية بقيادة "حماس"، والتي جاء تشكيلها إثر الانتخابات العامة الأخيرة، كتعبير عن رغبة الشارع الفلسطيني في إحداث تغيير على مستوى السلطة ومراكز إصدار القرار. لكن المفارقة أن الولايات المتحدة، والتي غزت بلدين إسلاميين بذريعة نشر الديمقراطية، هي من رفض حق الشعب الفلسطيني في ممارسة خياره الديمقراطي الحر، لتفرض عليه عقوبات جماعية، ما فتئ أثرها المأساوي عاراً على جبين الإنسانية في القرن الحادي والعشرين! ومن مفارقات "لا معقول" السياسة الأميركية، أن واشنطن التي مارست أقسى الضغوط ضد الزعيم الراحل ياسر عرفات كي يستحدث منصب رئيس الوزراء، ثم ليعين فيه أبومازن، ثم ليزيد من صلاحيات ذلك المنصب، هي نفسها من أعلنت حظر التعامل مع رئيس الوزراء الحالي إسماعيل هنية، والذي فاز هو ومرشحو حركته بأعلى نسبة من الأصوات في انتخابات العام الجاري! ومن خلال ذلك وسواه من الشواهد، يبدو أن الولايات المتحدة تسعى لتحويل الكفاح الفلسطيني وقضيته الوطنية إلى خلاف حول حكومة، ثم على مقعد وزاري، وربما على بلدية... لإعادة بناء القضية بمجملها في حلقة مفرغة! كريم أسعد- الأردن