Survival العراق وخطر "الميليشيات" قضايا استراتيجية عدة شملها العدد الأخير من دورية Survival التي تصدر كل ثلاثة شهور عن "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية"، ومقره العاصمة البريطانية لندن. وعن التطورات الراهنة في العراق، وتحت "مشكلة الميلشيا في بلاد الرافدين"، كتب "توماس ماول" مقالاً أوضح خلاله أن الميلشيات العراقية لم يتم تفكيكها أو نزع سلاحها، لأن القوات الأميركية في العراق لم تستفد من دروس الماضي أو من خبرات سابقة في هذا المجال. الولايات المتحدة لم تطور خطة لمعالجة مشكلة التنظيمات المسلحة، بل حاولت نزع سلاح الميليشيات قبل التوصل إلى تسوية سياسية كاملة تقبل بها جميع الأطراف المتناحرة في بلاد الرافدين، كما أن الولايات المتحدة لم تشرك طرفاً محايداً كالأمم المتحدة. كما أن محاولة واشنطن تفكيك هذه الميليشيات، تزامنت مع عدم قبول أي من الميليشيات بوجود الاحتلال الأميركي ولا بالحكومة العراقية، وهذا الفشل أدى إلى تعرض المؤسسات الأمنية في العراق إلى اختراق من الميليشيات المسلحة، الأمر الذي ينذر بخطر اندلاع الحرب الأهلية. وتحت عنوان "الإعداد لبناء الدولة"، كتب "جيمس دوبينز" مقالاً توصل خلاله إلى قناعة مفادها أن الاستعداد للدخول في مهمة بناء الدولة يستلزم وجود قادة سياسيين مسؤولين يقومون باستشارة خبراء متخصصين قادرين على معرفة أسباب انزلاق البلاد في أتون الصراع، وآخرين قادرين على إعادة المجتمع إلى سابق استقراره. ولابد أيضاً من صياغة أهداف من شأنها تجاوز أية آثار سلبية للتدخل، على أن تكون هذه الأهداف ملائمة لحجم القوة العسكرية المخصصة للتدخل، وأيضاً مع حجم المساعدات الاقتصادية الموجهة لعملية إعادة بناء الدولة التي يدور داخلها الصراع، وكلما كان حجم التحول الاجتماعي الناجم عن التدخل كبيراً، كلما ازدادت حدة مقاومة هذا التحول. وحسب "دوبينز"، فإن السبب الرئيسي لفشل مهمة إعادة بناء الدولة، هو أن المبادرات المعنية بها، عادة ما تكون غير ملائمة للأهداف المرجوة منها. وتحت عنوان "تقييم برنامج إيران النووي"، كتب "مارك فيتزباتريك"، مقالاً أشار خلاله إلى أنه بالاعتماد على فرضيات تتعلق بالجوانب التقنية لبرنامج إيران النووي، سنجد أن ثمة فرضيات تتمثل في أن الوقت الذي ستصبح فيه إيران قادرة على إنتاج يورانيوم مخصب كافٍ لإنتاج سلاح نووي هو نهاية عام 2008 أو عام 2010، وهذه التوقعات تعطي مساحة زمنية للدبلوماسية. "المعرفة": جامعات متنقلة في العدد الأخير من مجلة "المعرفة"، نطالع ملفاً بعنوان "موريتانيا... جامعات متنقلة على ظهور الإبل"، في مقدمته دراسة بقلم محمد محمد أحظانا، أبرز خلالها ملامح الهوية والخصائص التاريخية الموريتانية، والمجالين، الزمني والجغرافي، اللذين أثرا في طبيعتها على مر العصور. ففي المنطقة ما بين المحيط الأطلسي و"حوض تاودني" و"نهر صنهاجة" و"وادي الذهب"، عاش شعب "المور" الذي سميت البلاد باسمه حيناً من الدهر، قبل أن تعرف لاحقاً، مع المرابطين وبعدهم، بتسميات أخرى كأرض الملثمين، وبلاد صنهاجة، وبلاد السيبة وبلاد شنقيط... وذلك بعد دخول الإسلام في القرن الثاني الهجري. ويستعرض الكاتب مجمل المكونات العرقية واللغوية للمجتمع الموريتاني، وتجربة المقاومة الثقافية للاستعمار الفرنسي، متسائلاً عن الإسهامات الموريتانية في المجال الثقافي العربي، ليذكر أن الموريتانيين كانوا مجتمعاً من البدو الرحل، لكنهم كانوا يكتبون ويؤلفون وهم ينتجعون المراعي، ولا يقيمون في مكان واحد إلا نادراً. ويقول عن انهماكهم في القراءة والكتابة والتعليم جل الوقت، إن "الرجل كان يذهب في أثر إبله ولوحه في يده، ينظر فيه تارة وينظر إلى أثر إبله تارة أخرى". أما الإطار المؤسسي لتلك "الثقافة الشنقيطية"، فهو "المحضرة"، أي الجامعة البدوية المتنقلة. وفي دراسة أخرى ضمن الملف، نجد عرضاً وافياً عن تاريخ "المحضرة" وتكوينها وتقاليدها الدراسية، إذ تعود نشأتها إلى دولة المرابطين، وذلك عندما عاد زعيم قبيلة صنهاجة يحيى بن إبراهيم الجدالي من رحلة الحج عام 429هـ، ونزل بمدينة القيروان، وبعد ذلك اصطحب معه العالم الفقيه عبدالله بن ياسين ليعلم قومه بعدما استشرى فيهم الجهل وأفسدت عقائدهم الخرافات الوثنية المتوارثة. ومنذ ذلك الحين تكاثرت "المحاضر" في موريتانيا وانتشرت وبلغت آثارها تخوم أفريقيا والأندلس وأصبحت بمثابة جامعات متنقلة على ظهور الإبل، تقدم نوعاً تربوياً فريداً من التعليم في وسط بدوي لا عهد له بالدولة المركزية. لقد أنيطت بالمحضرة مسؤولية المحافظة على الهوية الإسلامية ونشر الثقافة العربية الأصيلة في فضاء صحراء الملثمين، كما اتخذت في مراحل لاحقة بؤرة للتعبئة الشعبية لصد الاستعمار الفرنسي ومخططاته الثقافية.