بعد يوم واحد فحسب, من إعلان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اعتزامه تقديم استقالته خلال عام من الآن, شرع منافسه والمرشح لخلافته في المنصب, "جوردون براون", في بلورة أجندة سياسات واسعة النطاق, أعلن في إطارها، يوم الجمعة الماضي, أن بلاده ستواصل الوقوف كتفاً بكتف, إلى جانب حليفتها الولايات المتحدة الأميركية في حربها على الإرهاب. غير أن حواراً جديداً ساد في أروقة "حزب العمال" الحاكم, جاءت أنفاسه مهددة بإنهاء تلك الهدنة الثقيلة التي أعقبت المواجهات الحامية بين الرجلين، "بلير وبراون", فيما يتعلق بتوقيت استقالة الأول. وفي هذا الحوار الجديد, وصف تشارلس كلارك -وهو وزير رفيع سابق- سلوك "براون" الأخير بالحماقة والغباء. ففي حوار أجرته معه يوم الجمعة الماضي صحيفة "إيفننج ستاندرد"، قال كلارك –وزير الداخلية السابق الذي كان قد أقصاه بلير في وقت مبكر من العام الجاري- إن الغالبية من أعضاء "حزب العمال", أثارت استياءهم وأغضبتهم صور نشرت لبراون وهو يكشر شماتة واستهزاء, أثناء عودته من اجتماع مشترك بينه وبلير. ومضى إلى وصف ذلك السلوك من "براون", بالغباء المطلق. وأضاف كلارك أيضاً أنه كان من الأجدى ببراون أن يحافظ على مسافة فاصلة بينه وبين متمردي "حزب العمال" المطالبين باستقالة بلير. وكان من رأي كلارك أنه في وسع "براون" فعل ذلك إن أراد، بإشارة واحدة من إصبعه, بيد أنه لم يفعل. وفي رد فعل منها على ما يجري, قالت هارييت هيرمان, وزيرة الشؤون الدستورية, إنه ينبغي على الكل أن يصمت الآن, قبل أن تتمزق أوصال الحزب. وعموماً فإن مؤشرات القلق هذه, إنما تدل على أن بعض المشرعين البريطانيين لا يبدون رضا كبيراً إزاء رفض بلير وامتناعه عن تحديد موعد معين لتقديم استقالته. وهناك في معسكر براون من بات يعتقد أن ذلك الموعد سيصادف وقتاً مبكراً من شهر مايو المقبل. ومهما يكن أمر ذلك الموعد, فإن من رأي بعض المشرعين, أن تلك المبارزة الكلامية بين براون وخصمه بلير, قد ألحقت ضرراً فادحاً بسمعة براون باعتباره خلفاً غير متنازع عليه فيما مضى لبلير. من ذلك جاء في تعليق لتوني رايت –وهو مشرع "مستقل" ومعتدل من "حزب العمال", ومعارض للتمرد الأخير في صفوف الحزب- في لقاء صحفي أجري معه: "في ربيع العام المقبل سيذهب بلير ويتنحى عن السلطة. وفي شهر مايو سيكون هناك قائد جديد يحل محله. بيد أن الأمر أصبح الآن أقل وضوحاً مما كان عليه قبل أسبوعين ماضيين, خاصة حول ما إذا كان هذا القائد الجديد سيكون "جوردون براون" أم شخصاً آخر غيره؟! فهناك شكوك في أن يكون براون قد عمق شعوراً بعدم الرضا عنه داخل الحزب". وعلى الرغم من أن تعهد براون بمواصلة نهج التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية في حربها على الإرهاب, فيه ما يطمئن على مواصلته لذات السياسات التي انتهجها بلير, إلا أن هذا الوعد جاء يحمل معه بذور مخاطره وشكوكه حول خلافة براون لبلير في المنصب. والسبب أن هناك الكثيرين من مشرعي الحزب ممن لا يرضيهم تحالف بلادهم والتصاقها إلى هذا الحد مع البيت الأبيض, ولا ترضيهم مطابقة سياسات لندن الشرق أوسطية لتلك التي تتبناها إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. ألان كويل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" في لندن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"