لا تخطئ عين المراقب هذا الاهتمام الرسمي رفيع المستوى بالتعليم في دولة الإمارات، حيث تتواصل المبادرات السامية التي تستهدف قطاع التعليم وإزالة أي عقبات تقف في وجه مستقبل أبنائنا وبناتنا، الذين نراهِن عليهم في حمل راية الإمارات في الألفية الثالثة، وآخر تلك المبادرات تلك التي جاءت من جانب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث أمر سموه بقبول نحو ألف وخمسمائة طالب وطالبة من أبناء الوطن في كليّات التقنية، ليحلّ بذلك الإشكالية المالية، التي تسبّبت في عجز هذه الكليات عن قبول هذا العدد من الأبناء بسبب قصور الميزانية. إن هذه المبادرات السامية تعكس بعمق قناعة رسمية راسخة بأن التعليم هو مفتاح المستقبل وهو رهاننا الأساسي من أجل استمرارية خطط التنمية والبناء، فالإنسان هو الهدف الاستراتيجي الذي تضعه الدولة نصب عينيها منذ سنوات التأسيس الأولى على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد، حيث غرس –رحمه الله- في نفوس الجميع منظومة متكاملة من القيم والأسس والركائز التي تنطلق جميعها من حتمية الاهتمام بالإنسان والاستثمار فيه وتنمية قدراته وطاقاته باعتباره هدف خطط التنمية جميعها. التعليم وقضاياه لم يعد الموضوع الأكثر إثارة للنقاش في الإمارات فقط بل في العالم أجمع، خصوصاً في الدول التي تتسابق وتتنافس من أجل الوصول إلى المراتب المتقدّمة في سلم التنمية البشرية، فهناك قلق يجتاح دولاً عدة من احتمالات التخلّف عن ركب التعليم في عصر العولمة، وهناك مخاوف موازية من أن يؤدي التركيز على العلوم التطبيقية إلى تخلّف في العلوم الإنسانية والفنون والآداب على اعتبار أن الحضارات لا تقوى سوى بالاعتماد على جناحي العلم، وبين ذلك كله يبقى الإنسان هو "المادة الأولية" التي تبنى عليها الأحلام والطموحات، وما لم يتم الاهتمام الفائق بالأساس فمن الصعب الرهان على ارتفاع البناء أو بقائه شامخاً لفترة طويلة من الزمن. إن ما شهدته دولة الإمارات منذ تأسيسها في مجال التعليم، هو بكل المعايير والمقاييس، طفرة نوعية حقيقية تنطق بها معظم قطاعات العمل التي تتكئ على سواعد المواطنين والمواطنات، الذين يمثلون نتاجاً لهذه الطفرة التعليمية. والمعنى هنا أن الحاجة للتطوير لا تنفي ولا تقلل مطلقاً من حجم الإنجاز الذي تحقق، ولكن تزايد حجم التحديات المستقبلية وارتفاع سقف الطموحات التنموية يتطلب منظومة تعليمية متطورة تواكب هذه التحديات والطموحات، وفي كل الأحوال وعبر مختلف المراحل كان الإنسان دوماً هو الهدف وهو قاطرة النجاح والرافعة الاستراتيجية لأحلام تتحول بمرور الوقت والسنوات إلى واقع تنموي يبهر العالم. تجاوزنا إذاً مرحلة "الكم" في إدارة قطاع التعليم ونمرّ بمرحلة التركيز على "الكيف"، وقد سبقتنا في هذا التحول دول عديدة انتقلت من مرحلة تنموية إلى أخرى أكثر تنافسية، وفي جميع المراحل تبقى مبادرات قياداتنا ومكرماتهم سياج الأمان الذي يؤكد أحقية كل مواطن ومواطنة في تحقيقه حلمه بالحصول على تعليم جيد يؤهله لخدمة وطنه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.