في الحديقة التذكارية الموجودة داخل القاعدة العسكرية الأميركية في مدينه "شارانا" الأفغانية، تم مؤخراً إضافة أسماء أربعة أفغان هم جندي وشرطيان اثنان وضابط استخبارات إلى قائمة أسماء الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم هنا منذ عام 2002. ويعد سقوط هذا العدد من الأفغان دليلاً على أن الأفغان هم الذين أصبحوا يتحملون مسؤولية الأمن والاستقرار في مقاطعة "باكتيا" الإقليمية التي تقع "شارانا" في نطاقها. ولكنه يعد أيضا دليلاً على أن تنظيم "القاعدة" وتنظيم "طالبان" لا يزالان مستمرين في العمل، من قواعد تقع عبر الحدود الباكستانية. وهذه الحقيقة الأخيرة التي لم تغب لحظة عن أعين جنود التحالف هنا كانت سبباً في إحباط الجهود الرامية لإعادة بناء البلد وتحقيق الأمن والسلام فيه. والتهديد لا يأتي عبر الحدود فقط، بل إن الحقيقة هي أن أعضاء "طالبان" قد أصبحوا متواجدين في بعض المناطق النائية من هذه المقاطعة، بعد أن تسللوا عبر الحدود، كما اعتادوا أن يفعلوا ذلك حسبما يقول القادة العسكريون. من هؤلاء القادة الفريق "كارل آيكنبيري"، قائد قوات التحالف التي يقودها الأميركيون في أفغانستان الذي قال في كلمة أمام جنود وحدة من وحدات الجيش الأفغاني يوم الجمعة إن "العدو يقاتلنا بشراسة ويجب علينا أن نقاتله بشراسة أكبر". ويقول المسؤولون الحكوميون والعسكريون هنا إنهم قد أصبحوا متقبلين لحقيقة أن تحقيق الأمن وهزيمة التمرد سيستغرقان سنوات، وهو ما يرجع في رأيهم إلى أن المتمردين قد نجحوا في الحصول على ملاذات لهم في منطقة القبائل المضطربة الواقعة على الجانب الباكستاني من الحدود، وفشل الجيش الباكستاني في محاولاته للقضاء عليهم. ويعترف المسؤولون الأفغان أن هناك الكثير مما يتعين عليهم هم أن يفعلوه مثل تحسين الإدارة الحكومية في المناطق الزراعية، وتعزيز جهود التعمير، وتحقيق الأمن والاستقرار. ومع اعترافهم بذلك إلا أنهم يرغبون أيضاً في أن تتم ممارسة ضغوط على الحكومة الباكستانية، وذلك كما تقول الآنسة "سامينا أحمد" مدير "مجموعة الأزمات الدولية" في باكستان، وهي مجموعة مستقلة متخصصة في تحليل السياسات. وهذه النقطة تحديداً كانت سبباً في توتر العلاقة بين الرئيس الأفغاني حامد قرضاي والباكستاني برويز مشرف الذي يتهم كل منهما الآخر بأنه لا يفعل الكثير لاحتواء خطر المقاتلين في المنطقة". ويمتنع الليفتنانت جنرال "ايكينبيري" عن التعليق عن التوتر بين أفغانستان وباكستان بسبب الطبيعة السياسية للموضوع. وخلال الزيارة التي قام بها بطائرة هليكوبتر إلى "شارانا" عمل "ايكينبيري" على الترويج للاستراتيجية المختلطة التي تبناها منذ أن جاء إلى أفغانستان لتولي مهام منصبه، وهي تشجيع الجنود الأميركيين والأفغان الذين يقومون بالقتال والتدريب، مع القيام في الوقت ذاته بحث المسؤولين الحكوميين الأفغان على تحسين مستوى أدائهم في تقديم الخدمات لمواطنيهم. ولكنه اعترف أيضاً بأن هناك مناطق أخرى تقع جنوب البلاد لا تزال قبضة الحكومة الأفغانية عليها رخوة. وتؤكد الأنباء أن مقاتلي "طالبان" قد تدفقوا بأعداد كبيرة إلى مقاطعة "غانزي" المجاورة التي تبعد عن العاصمة كابول ثلاث ساعات بالسيارة وكذلك إلى مقاطعتي هيلمند، وقندهار، وهي المقاطعات التي تعرضت فيها قوات "الناتو" التي وصلت إليها مؤخراً إلى ضربات عنيفة من قبل المتمردين الذين أثبتوا أنهم أقوى مما كان يُعتقد سابقاً. يعلق "ايكينبيري" على ذلك بقوله: في هذه المناطق التي يصعب السيطرة عليها نحتاج في المقام الأول إلى وجود الأمن ومن ثم إلى وجود حكومة رشيدة"، وأضاف إلى ذلك قوله: "ومقدار الأموال والرجال والوقت المطلوب لتحقيق ذلك في مقاطعة واحدة فقط هو مقدار ضخم... ولكن إذا ما سألتني هي ستكسب حكومة أفغانستان، فإنني سأقول لك نعم ستكسب لأن هناك تقدماً مطرداً يتحقق". كارلوتا غال ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسلة "نيويورك تايمز" في شارانا- أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"