بدأ البعض في نبش أوراق ما كان، وأورد القصص عن بشر بادوا، ومذاهب لها استراتيجيات منظمة تسعى لتحقيقها. وانبرى آخرون يبحثون عن العلة والمعلول، وما بينهما، وسرد من القصص حول حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إن كانت الحرب من الأساس مرسوماً لها و"حزب الله" مجرد أداة. ماذا نسمي هؤلاء؟ الفارون من الزحف، أم الغارقون في إيجاد مخارج لهم تماهي السلطة وتتزلف لها، رغم كون ما يحدث فوق الاحتمال وفوق المفردات مجتمعة وفوق المشاعر الموضوعية والآراء البعيدة عن التحيز. لا يهم أي شيء سوى أنها إسرائيل... الدولة العدو، التي لم تكن دولة إلا على أشلاء الأبرياء، وهياكل الصغار المنحوتة في أرض مسالمة حتى النخاع. هذا اللوم المصبوب على المقاومة ليس في وقته الآن، إنها الحرب حتى وإن لم تكن بالقصف والاجتياح، الحرب قائمة ما دامت فلسطين محتلة، وما دامت إسرائيل تعربد في أروقة المقدسات الإسلامية. كان من الأهمية بمكان أن لا تكون فلسطين عربية، كان مهماً أن تكون مسلمة، فلربما انقض مسلمو العالم على ذلك الكيان ليسحقوا غروره الغريب. فإسرائيل لم تعامل ذاتها إلا كدولة متدينة ذات مقدسات تاريخية، عليها أن تحافظ عليها حتى وإن كانت مطمورة بفعل الأكاذيب، عليهم أن يجلوا الهراء بهدم قبلة المسلمين الأولى. ففي الوقت الذي ندرأ عن أنفسنا تهمة الإرهاب، تصر هي على تلقين أطفالها ماذا يعني التلمود، والتوراة وكل ما يحويان من أباطيل وافتراءات، تسللوا إلى أذهان أهلهم بمثل هذه المبررات المتدينة، ونحن نسعى لأن يصدق المجتمع الدولي، أننا أصحاب فكر مستنير وأننا ندين بالإسلام العصري المنفتح، الذي لا يمانع بالتنازل عن مساجد وأهلها في سبيل الحصول على مباركات فوقية. كل شيء تساقط اليوم، لم يبقَ إلا أن نبحث عن آخرين وننصب أنفسنا محاكم تفتيش عما يجب وما لا يجوز. قانا الجديدة، تحدٍ جديد، موت آخر كان سببه إسرائيل، وكان لابد من الصمت حتى يهيمن السواد على قلوب كل من كان له قلب. فالدولة الصفوية، أو غيرها من المسميات التي يتبارى البعض في استعراض عضلاته الفكرية على صفحات المنتديات أو الصحف اليومية، لا يجب أن تكون موجودة، لأن الإسلام أوسع من أن يضع حواجز بين أصحاب مذاهبه، ولأن المسلمين متعايشون دون أن يكون هناك قلق لولا ما دمرته الولايات المتحدة في العراق. واليوم تسعى للمثل في لبنان، يتضاءل الكلام عن كل هذا الموت، ولا يبقى إلا الصمت، وهو الأفضل من الخوض في أحاديث تثير البحر أكثر من أن تعالج جرحاً، فالمأساة حكايا تطول، وسيد الموقف اليوم قول الخير... أو الصمت.