في معرض تبريرهم للتجاوزات التي ترتكبها الكثير من شركات القطاع الخاص لقرارات وزارة العمل، يرى البعض أن الوزارة تتبنّى خطوات وقرارات قسرية أحادية الجانب وتفرضها على شركات القطاع الخاص، ما يدفع هذه الشركات بدورها إلى تجاهل هذه القرارات التي تضر بمصلحتها. وهناك صحف صادرة باللغة الإنجليزية تحمل على وزارة العمل وتتهمها بالانفراد بالقرار، وتؤكد أن التشاور مع القطاع الخاص يمكن أن يكون مفتاحاً لمعظم الإشكاليات التي يعانيها سوق العمل. هذه الرؤية القائمة على ضرورة التنسيق والتشاور صائبة وسليمة لضمان تنفيذ القرارات، ولكن إذا علمنا أن قرار تنظيم ساعات العمل أثناء الصيف تحديداً قد اتخذ -خلافاً للعام الماضي- بعد تشاور مع جمعية المقاولين، حيث قدمت الأخيرة مذكرة تتضمن وجهة نظر المقاولين حيال فترات الراحة أثناء الظهيرة، وقد سعت الوزارة من جانبها إلى المواءمة بين آراء المتخصصين فيها ووجهة نظر جمعية المقاولين، وجاء قرارها في هذا الشأن متضمناً معظم ما ورد في مذكرة جمعية المقاولين، ولم يحدث تغيير كبير في التوقيت المقترح لحظر العمل سوى أن جمعية المقاولين اقترحت حصر فترة الراحة الزمنية بين الساعة 12.30 و2.30 ظهراً، بينما قررت الوزارة مد الفترة حتى الثالثة، وبالتالي فإن حجة غياب التنسيق والتشاور مردود عليها، وكان متوقعاً حدوث معدلات التزام عالية بقرار الوزارة، ولكن ما حدث أن هناك نحو 300 شركة من شركات القطاع الخاص قد تجاوزت قرار حظر العمل وقت الظهيرة، علماً بأن الجولات التفتيشية التي كشفت عن هذه التجاوزات لم تشمل سوى 980 شركة فقط. الواضح إذن أن هناك تغييباً تاماً للمصلحة العامة في خطط عمل شركات القطاع الخاص، وهناك تجاهل من جانب القائمين على الشركات المخالفة للدواعي والدوافع التي تقف وراء قرار الوزارة، علماً بأن الوزارة تراعي في تنفيذ القرار متطلبات العمل، وتأخذ في الاعتبار الظروف التي يمكن أن تضطر بعض الشركات إلى مواصلة العمل أثناء فترات الظهيرة. والواضح أيضاً أن هناك نوعاً من الاستهانة بالعقوبات التدريجية التي تتخذها وزارة العمل بحق الشركات المخالفة، والوزارة من جانبها حريصة على تغليب مبدأ التفاهم مع الشركات سعياً وراء المصلحة العامة، وهي أيضاً قد لا تمتلك من النفوذ والسلطة ما يتيح لها تعظيم سلسلة العقوبات ضد المخالفين، في حين يرى آخرون أن الغرامات المادية المقررة تعد ضئيلة جداً مقارنة بأرباح الشركات ولا يمكن أن تمثل رادعاً يحول دون تكرار المخالفات. في جميع الأحوال، فإن المصلحة العامة تقتضي تكاتف الجميع لدعم وزارة العمل من أجل معالجة أي تجاوزات عمالية حتى نغلق أبواب استغلال صور العمال ومعاناتهم جراء العمل في فترات الظهيرة بالمخالفة مع القرار الرسمي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية