أثناء مساعيها الرامية إلى التفاوض بشأن وضع حد للنزاع الذي يعصف بالشرق الأوسط، بدا أن وزيرة الخارجية الأميركية كندوليزا رايس أضحت تنظر إلى الحل عبر منظار أوسع يعيد تحديد مصالحه. وفي هذا السياق، يقول المسؤولون الأميركيون إن المشاكل الحقيقية لا تكمن في المواجهة العسكرية بين "حزب الله" وإسرائيل فقط، وإنما هي أكبر بكثير وتضم سيادة لبنان وما تعتبره الإدارة الأميركية الحالية معركة وجدانية بين قوات مؤيدة للحرية وأخرى مناوئة لها بالمنطقة. وبهذا المعنى- يقول دبلوماسيون مرافقون لـ"رايس" في جولتها- إن الإدارة الأميركية ترى فرصة في الاضطراب الحالي الذي يهز المنطقة، حيث قال "ديفيد وويلش"، مساعد وزيرة الخارجية المكلف بشؤون الشرق الأوسط، للصحافيين المرافقين لوزيرة الخارجية في رحلتها من القدس إلى روما، "إذا تمكن لبنان من الخروج قوياً من هذه الأزمة، فسيكون أعداء السلام والاستقرار في المنطقة قد تلقوا هزيمة نكراء، فلبنان يمثل آمال الكثيرين في المنطقة". وأضاف قائلا "إن الشرق الأوسط الجديد لن يُبنى عبر تحقيق انتصار كل يوم في مكان ما، وإنما سيبنى عبر جهد حثيث. والواقع أن هناك فرصة متاحة اليوم وسط هذه الأزمة لتعزيز الحرية في لبنان. وأتوقع أنه يمكن حدوث ذلك إذا نحن استطعنا أن نجعل الأصوات المسؤولة تعلو على الأصوات عديمة المسؤولية". كما ألمح الوفد المرافق لـ"رايس" أيضاً إلى أنه يبحث الإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد الحكومات الخارجية التي تنتهك سيادة لبنان. وتعتقد الولايات المتحدة اعتقاداً راسخاً أن إيران، بشكل خاص، سهلت وشجعت الغارة العابرة للحدود التي قام بها "حزب الله" في الثاني عشر من يوليو الجاري، والتي أسفرت عن أسر جنديين إسرائيليين وكانت وراء تفجير الأزمة الحالية. كما تُحمل إدارة بوش أيضاً سوريا مسؤولية توفير الدعم لهذا لتنظيم الشيعي المسلح. إلى ذلك، أعلن "وولش" أن "هناك تدابير أخرى يمكن أيضا اتخاذها للتعاطي مع هذه البلدان التي لا تتحلى بنفس الدرجة من المسؤولية بخصوص مستقبل لبنان". كما أفاد المسؤولون المرافقون لرايس أن هذه الرؤية الواسعة هي أساس الإطار الذي تسعى وزيرة الخارجية الأميركية اليوم لرعايته والترويج له مع لبنان وإسرائيل والعالم العربي ولاعبين آخرين. ومما يجدر ذكره أن الإدارة الحالية توظف هذه القضايا في محاولة لصرف التركيز العالمي من القصف الإسرائيلي العقابي والمثير للجدل على لبنان إلى مسألة الحرية في المنطقة. وفي هذا السياق، أعلنت كندوليزا رايس في القدس أنه "حان وقت شرق أوسط جديد". وخلال تواجدها بروما، التقت المسؤولة الأميركية مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ورئيس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا قبيل مؤتمر دولي حول لبنان بدأ أمس الأربعاء. ويرى المسؤولون أن اتفاقا حول الديمقراطية بالمنطقة هدف قد يتطلب تحقيقه وقتا غير قصير. وفي هذا الإطار، قال "وولش" للصحفيين "لدينا بعض الأفكار بخصوص طريقة حل هذه المشكلة. ونحن نسعى إلى طرح هذه الأفكار في بعض الحالات؛ وتجريب أخرى في حالات أخرى والعكس صحيح". وبالرغم من العراقيل التي تعتري طريق تشكيل قوة دولية تكون أكثر فعالية مقارنة مع المراقبين الدوليين التابعين للأمم المتحدة المنتشرين في جنوب لبنان منذ 1978، فإن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن ذلك سيحدث في الأخير. وفي هذا الإطار، قال مسؤول كبير في إدارة بوش وافق على التحدث شريطة عدم الإفصاح عن اسمه "ستظلون تسمعون حول عدم إمكانية نشر قوة دولية إلى حين نشرها". ويرى مسؤولون أميركيون أن أكبر مشكلة مطروحة اليوم تتعلق بما إن كانت القوة الجديدة ستُنشر قبل أو بعد نزع سلاح "حزب الله"، الذي يصر على عدم التخلي عن أسلحته، ولكن المسؤول المذكور قال إن هذه القوة "لا تنوي إطلاق النار للدخول إلى المنطقة". روبين رايت ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "واشنطن بوست" في العاصمة الإيطالية روما ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"