تقول إدارة سوق أبوظبي للأوراق المالية، إنها تسلمت خطاباً من هيئة الأوراق المالية والسلع، يتضمن اقتراحاً بأن تكون العطلة في السوق لمدة يومين بدلاً من يوم واحد، بينما تقول إدارة سوق أبوظبي إنها "سارعت" بإبلاغ الهيئة خطياً بأنه ليس لديها مانع من المقترح، وإنها "على استعداد" لتطبيق عطلة اليومين حالماً تتخذ الهيئة قراراً بذلك. تساؤلات جوهرية تطرح ذاتها في هذه الحيثية: على أي أساس قدمت الهيئة اقتراحها، خاصة أن السوق كانت تعمل لخمسة أيام في فترات سابقة، كما أن هناك قطاعات مهمة، مثل البنوك، يرتبط عمل السوق بها، ستعمل لستة أيام في الأسبوع؟ ومن أي منطلق "سارعت" إدارة سوق أبوظبي إلى الترحيب بهذا المقترح الذي يحتمل الأخذ به جملة من السلبيات، كما يحتمل إيجابيات بالقدر نفسه؟ صحيح أن هناك قاعدة عريضة من المتعاملين تطالب الآن بتعطيل السوق يومين أسبوعياً، لإعطائهم فرصة لالتقاط الأنفاس، والتخفف من الضغوط التي يتعرّضون لها طوال ساعات التداول، وإتاحة فترة زمنية كافية لصيانة أنظمة التداول، بل إن تعطيل السوق ليومين يتماشى مع البورصات العالمية والإقليمية، إلا أن كل ذلك لا يبرر ارتجال قرارات كانت أسواق الأسهم المحلية ترى عكسها تماماً عندما قلصت في فترة سابقة عطلتها من يومين إلى يوم. إن سوق الأسهم المحلية لم تصل بعد إلى مرحلة النضج التام، وهي المرحلة التي تجاوزتها البورصات العالمية والعديد من الأسواق الناشئة، وبذلك تحتاج السوق المحلية إلى كثافة في التعاملات تمتد لأطول فترة ممكنة خلال الأسبوع، من أجل مزيد من الاستقرار والانتعاش في حركة التداول. وجهة النظر هذه كانت تلقى دعم وتأييد الغالبية العظمى من المتعاملين إبّان ازدهار السوق خلال العامين الماضيين، وقبل أن تركب السوق موجات التصحيح المتلاطمة التي لا تزال تلعب بها طيلة الفترة المنقضية من هذا العام، وعندها كان الغالبية العظمى من المستثمرين ينظرون إلى أن تعطيل يوم ثانٍ في السوق، معناه المباشر فقدان قدر كبير من أرباح كانت تتدفق عليهم بشكل يومي. إن قراراً مهماً كتحديد عدد أيام وساعات التداول الأسبوعية في السوق، يجب ألا يؤسس على الحالة التي يمر بها السوق حاليا، وهي حالة ستتغير لا محالة، عاجلاً أم آجلاً، بل إن زيادة فترة التداول الأسبوعية يمكن أن تسهم في التعجيل بإعادة الاستقرار والانتعاش إلى السوق مرة أخرى. الفيصل في هذه القضية الجدلية التي تجد الرفض والقبول بدرجة متساوية، هو دراسة تفصيلية شاملة تقيّم الإيجابيات والسلبيات للعمل بنظام ستة أيام في الأسبوع كما هو معمول به حالياً، أو تقليصها إلى خمسة أيام فقط، كما كان معمولاً به في فترة سابقة، والابتعاد كلياً عن محاولة تقليد ما يجري في البورصات العالمية، أو حتى بعض البورصات الناشئة، إذ أن لكل حالة ظروفها ومعطياتها الخاصة التي لا تحتمل المقارنة مع السوق الإماراتية. إن محصلة مسيرة سوق الأسهم المحلية تضمنت قدراً كبيراً من الإنجازات في العديد من المجالات، ولكنها في الوقت نفسه لا تزال تسير من دون دراسات يعتمد عليها في اتخاذ قرارات مهمة كهذه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.