خلال زيارة سموه المفاجئة إلى مقر وزارة العمل في دبي، أمس الأول، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن "الوظيفة مهما علت مرتبتها ودرجتها، ليست ملكاً لأحد، بل هي تكليف وعلى الموظف أن يؤدي عمله بكل أمانة لأنه يعكس حضارة شعب ووطن، وهذا يحتّم عليه أن يكون مثالاً للعطاء والتواضع والأريحية". وهذه الكلمات المعبّرة التي تؤطر العلاقة بين الموظف وجمهور المراجعين يمكن أن تشكل قاعدة متينة لميثاق عمل الوزارات والهيئات والجهات الحكومية التي تقدم خدمات جماهيرية، ولا سيما أن هذه الكلمات تتصدى لثغرة حيوية في أداء بعض الجهات التي تقوم بتحديث منشآتها ومواقعها، وأيضاً آليات العمل الإداري وأنماطه بما يتماشى مع استخدام الحاسب الآلي والبرامج الإدارية المتطورة، من دون الانتقال أو بالأحرى الانتباه إلى جزئية حيوية للغاية، وهي مسألة العلاقة أو أسلوب التعامل بين الموظف وجمهور المراجعين، وأيضاً من دون رقابة على أداء الموظفين وتوعيتهم وحثهم على ضرورة تطوير الأداء واستيعاب المفهوم الحقيقي للوظيفة العامة، وما يترتّب عليها من حقوق وواجبات والتزامات، وما يترتّب على سوء تقديم الخدمات من نتائج سلبية والعكس صحيح. وفي أحيان كثيرة تجد بعض الجهات الحكومية تنفق أموالاً طائلة على تطوير المباني وتزويد مقرات (خدمة الجمهور) بكل ما هو لائق وحديث من خدمات للانتظار، وما يسهم إدارياً في الإسراع بتقديم الخدمات، ولكن من دون مواصلة هذه الجهود حتى تشمل مرحلة ما بعد التطوير لكشف ثغرات الأداء وعيوبه وإصلاحها، ووضع معدلات ومعايير جودة محددة غير قابلة للتلاعب، وتضمن تقييم أداء موظفيها بموضوعية وحيادية، وفقاً لسياسات ثواب وعقاب إدارية تضمن تحفيز الموظف المجتهد وتشجيعه على تقديم المزيد، لأن طبيعة الأداء في "كاونترات" المراجعين هي الفيصل والحكم النهائي على جدارة الفكر الإداري السائد في هذه الجهة أو تلك. الموظف الذي يتعامل مع جمهور المراجعين هو بالفعل واجهة نظام إداري حكومي متكامل، وهو بالنهاية مَن يمتلك مفاتيح نجاح أو فشل أي خطط تطوير لأنظمة العمل الإداري من خلال أدائه للخدمة وتعامله مع الجمهور، سواء بمساعدته في فهم واستيعاب القواعد والتعليمات والالتزام بها من خلال التحلي بالديناميكية وسعة الصدر وحسن الخلق، أو باستخدام أنماط تعامل فوقية تسيء إلى حضارة الشعب والوطن، وتنال مما وصلنا إليه على صعيد الفكر الإداري والتنظيمي. إن عبء تحسين العلاقة بين الموظف والمراجعين تتحمله أيضاً المؤسسات والهيئات والوزارات الخدمية، من خلال ضرورة تحسين علاقاتها بموظفيها، وتوفير المناخ المناسب للعمل، وتسوية أيّ إشكاليات وظيفية أولاً بأول، لضمان نقل تهيئة بيئة مناسبة للعمل، وأيضاً كي يتاح لها محاسبة المقصّرين من موظفيها على تقاعسهم وتقصيرهم في أداء واجباتهم الوظيفية. ـــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية