في انتظار أن تبت المحكمة في نتيجة انتخابات الثاني من يوليو بالمكسيك، أعلن المرشح "اليساري" "أندريه مانويل لوبيز أوبرادور" إنه وقع ضحية مؤامرة كبرى حاكها له مسؤولو الانتخابات وزعماء أحزاب أخرى ورجال أعمال كبار بهدف انتزاع الفوز منه. وفي هذا السياق، قال المرشح في مقابلة صحفية أجريت معه يوم الجمعة: إن الانتخابات كانت حافلة بالتزوير والأخطاء البشرية. وأوضح أنه لن يقبل بأي حكم من المحكمة الانتخابية الخاصة لا يقضي بإعادة فرز بطاقات التصويت البالغ عددها 41 مليوناً. وقال" لوبيز" إن "مشاعر الشعب" هي التي ستحدد المدى الذي يمكن أن يذهب إليه العصيان المدني احتجاجاً على نتائج الانتخابات؛ مضيفاً أن سلم البلاد سيكون في خطر في حال لم تتم إعادة فرز الأصوات، وهو ما اعتبره خصومه بمثابة ابتزاز. وقال المرشح "اليساري" في المقابلة الصحفية بمقر حملته هنا بالعاصمة المكسيكية "يمكن للمرء أن يؤول ذلك كما شاء"، مضيفاً "إن الأمر في منتهى البساطة: إذا سمحنا بتزوير نتائج الانتخابات، فإننا نكون بذلك قد قبلنا بأن ينتهكوا حقوق الإنسان في بلدنا، ولكننا غير مستعدين لقبول أن تتم إهانة الناخبين. ولذلك فنحن نعتزم الدفاع عن عملية الاقتراع، ونعتزم الدفاع عن الديمقراطية". وقد أظهرت عملية فرز رسمية لبطاقات التصويت قبل أسبوعين فوز المرشح "المحافظ" فيليب كالديرون من "حزب العمل الوطني" بهامش ضئيل لم يتجاوز 243000 صوت. غير أن الانتخابات لم تنته بعد، إذ يتعين انتظار ما ستحكم به محكمة انتخابية خاصة بشأن مئات الطعون التي تقدم بها الجانبان قبل اعتماد النتائج وإعلان الفائز. ومنذ الفرز الرسمي، دخل "لوبيز أوبرادور"، البالغ من العمر 52 عاماً والمدافع عن حقوق الفقراء في المكسيك، في لعبة خطرة تقوم على التصعيد، حيث ظهر على شاشات التلفزيون يكيل الاتهامات بالتزوير ويقود مظاهرات احتجاجية حاشدة للمطالبة بإعادة فرز البطاقات. وأكد أنه وجد أخطاء في نحو 72000 مركز اقتراع – أي أكثر من نصف مراكز الاقتراع- قائلاً إن لديه أدلة على حالات تزوير قام فيها مسؤولو الانتخابات بسحب أصوات منه أو تضخيم عدد الأصوات التي حصل عليها خصمه. كما نظم مسيرتين شاركت فيهما مئات الآلاف من الأشخاص، ودعا خلالها رفقاءه إلى الدخول في عصيان مدني. غير أن المشكلة المطروحة أمام "لوبيز أوبرادور" تتعلق بمدى قدرته على الحفاظ على زخم حركته لما قد يستغرق أسابيع في انتظار صدور قرار المحكمة من دون دفع أنصاره إلى العنف. والواقع أنه تمكن حتى الآن من التنديد بالتزوير مع الحفاظ على احتجاجاته سلمية. غير أنه مع مرور الوقت وفي انتظار أن تقول المحكمة كلمتها، قد يصبح من الصعب الحفاظ على ذاك التوازن، خصوصاً وأن أمام المحكمة مهلة تمتد إلى السادس من سبتمبر للنطق بالحكم. وفي غضون ذلك، قام لوبيز أوبرادور مرارا بتحدي منافسه بشأن الموافقة على إعادة فرز الأصوات، على اعتبار أنها الطريقة الوحيدة للحفاظ على السلم المدني. والحال أنه حتى في حال وافق "كالديرون"، إلا أن القرار يظل بيد المحكمة. وفي هذا الإطار، قال لوبيز أوبرادور "إذا كان واثقاً من الفوز، فلا يوجد ما يدعو إلى أن يرفض إجراء فرز جديد"، مضيفا "ثم إنه إذا تبين أنه الفائز، فإن ذلك سيقويه ويضفي عليه الشرعية التي يفتقر إليها اليوم بسبب الطريقة المجحفة التي جرت بها الانتخابات". أما "كالديرون"، البالغ 42 عاماً والذي شغل منصب وزير الطاقة سابقاً، فيرى أنه لا يوجد أساس قانوني لإعادة فرز الأصوات، معتبرا أن "لوبيز أوبرادور" إنما يحاول الفوز في الشارع بما لم يستطع الفوز به في صناديق الاقتراع. ويرى عدد من المحللين السياسيين والخبراء في استطلاعات الرأي أن أسبابا مختلفة ساهمت في سقوط "لوبيز"؛ فأولا، كانت نسبة المشاركة في التصويت بالولايات التي يحظى فيها لوبيز أوبرادور بالشعبية ضعيفة مقارنة مع الولايات الشمالية، التي تعتبر معقل حزب "كالديرون". وفي هذا الإطار، يقول المحللون إن "لوبيز أوبرادور" قد يكون ساهم في ثني أنصاره عن المشاركة بكثافة في الانتخابات بإلحاحه على أنه متقدم بعشر نقاط على منافسه وأنه الفائز لا محالة، وذلك حتى حينما أظهرت استطلاعات الرأي احتدام السباق في النهاية. ثانياً، أفادت استطلاعات للرأي أن أعداداً كبيرة من الناخبين الذين كانوا سيصوتون لـ"الحزب الثوري"، وهو ثالث أكبر حزب بالمكسيك، نقلت دعمها في الأيام الأخيرة إلى "كالديرون". وقد جاء هذا التحول بعد أن قررت زعيمة الاتحاد الوطني للأساتذة في المكسيك "إيلبا إيستار غورديلو"، العضو السابق في "الحزب الثوري"، النزول بثقلها ودعم "كالديرون" بعد توتر مع مرشح حزبها. وقال العديد من الخبراء السياسيين إن هذه الخطوة لوحدها منحت "كالديرون" 500000 صوت على الأقل، أي ضعف هامش الفوز. ثالثاً: وأخيرا، يتفق معظم المحللين على أن "لوبيز أوبرادور" تأثر كثيراً جراء الحملة الإعلامية السلبية التي شنها "كالديرون"، والتي صورته على أنه "ديكتاتور يساري"، و"خطر على المكسيك". فرغم أن حملة "كالديرون" سحبت هذه الإعلانات أواخر شهر مايو، إلا أن الضرر كان قد حدث، كما أن بعض كبار رجال الأعمال استكملوا في الأسبوعين الأخيرين من الحملة ما بدأه "كالديرون"، حيث دفعوا الملايين مقابل بث إعلانات في التلفزيون تحذر الناخبين من مخاطر الديكتاتوريين "اليساريين" دون الإشارة إلى "لوبيز أوبرادور" بالاسم. ــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"