من المرتقب أن يعلن الرئيس بوش عن تحول مهم في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه العراق من أجل تحسين الحالة الأمنية المتدهورة في العاصمة بغداد. هذا التحول سيماط اللثام عنه أثناء الزيارة التي من المزمع أن يقوم بها رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن الأسبوع المقبل، وهو ما يعد اعترافاً بفشل العملية العسكرية، التي جرى الترويج لها كثيراً الشهر المنصرم، وكانت تروم القضاء على أعمال العنف. وقد قدمت تلك العملية الأميركية-العراقية على أنها مبادرة مهمة من قبل حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، غير أنها فشلت في منع أعمال العنف الطائفي في بغداد، والتي ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة. وفي هذا السياق، وجدت دراسة للأمم المتحدة أعلن عنها هذا الأسبوع أن ما لا يقل عن 3149 مدنياًَ لقوا حتفهم في العراق خلال شهر يونيو لوحده– وهو ما يمثل زيادة بنسبة 18 في المئة مقارنة مع شهر مايو- وأن معظم الوفيات وقعت في بغداد. وقال مسؤول سام في الإدارة الأميركية، وافق على الحديث شريطة عدم الكشف عن اسمه، في ما يبدو أنه أضحى روتيناً عند الحديث حول مبادرات البيت الأبيض المستقبلية، إن الاستراتيجية التي يعتزم بوش والمالكي مناقشتها تقوم على "تغير في الوسائل" و"تغير في التركيز". هذا ومن غير المستبعد أن ينص هذا التغير كذلك على استقدام قوات أميركية من أماكن أخرى في البلاد ونشرها في بغداد. وقال المسؤول "يوجد مخطط أمني خاص ببغداد بدأ العمل به قبل نحو خمسة أسابيع، وأعتقد أنه من الإنصاف القول إن النتائج أو النتائج الأولية لذلك المخطط مخيبة للآمال"، مضيفا "ثمة سؤال مفتوح حول ما إن كان سيتم استقدام المزيد من القوات من أماكن أخرى من البلاد". ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن القوات العراقية تسلمت المسؤوليات الأمنية في أحياء عديدة من بغداد خلال الأشهر الأخيرة. وردا على سؤال حول ما إن كان هذا التحول في الاستراتيجية يقضي بأن تستأنف القوات الأميركية مراقبة تلك المناطق، أجاب المسؤول في إدارة بوش "الواقع أن هذا الأمر جدير بالمناقشة". وخلال زيارة إلى بغداد الأسبوع الماضي، كان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قد أعلن أن عدد القوات الأميركية في العاصمة العراقية ارتفع من 40000 إلى 50000 جندي بهدف مواجهة ارتفاع الهجمات. والحال أن أي زيادة إضافية ستساهم في تصعيب تحقيق إدارة بوش لهدفها المتمثل في خفض عدد القوات الأميركية قبل انتخابات الكونغرس المقررة في نوفمبر المقبل. هذا ومن المحتمل أن تقوم السياسة الأمنية الجديدة لبغداد على زيادة التركيز على توقيف الزعماء المحليين المحرضين الذين يثيرون العنف الطائفي مثل أعضاء "الميليشيا" الموالين لرجل الدين الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر، الذي يتهم بإثارة معظم أعمال العنف التي تقف وراءها فرق الموت الشيعية ضد السنة العراقيين. وقد تم الكشف عن المراحل الأولى لهذه الاستراتيجية مؤخراً في كل من بغداد والبصرة، وهي المدينة الجنوبية التي تشهد بدورها ارتفاعاً في أعمال العنف، ويرى المسؤولون الأميركيون أنها تبعث على التفاؤل. وخلال الزيارة التي من المرتقب أن يبدأها المالكي إلى الولايات المتحدة يوم الاثنين المقبل، من المنتظر أن يلقي رئيس الوزراء العراقي كلمة يوم الأربعاء أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي، من المنتظر أن يعرب فيها عن شكره وامتنانه للقوات الأميركية والشعب الأميركي بالنظر إلى التضحيات التي قدموها في العراق، ويعرض التقدم الذي أحرزته البلاد في إنشاء نظام حكم ديمقراطي. غير أن الزيارة لن تكون مرفوقة بالمراسيم الرسمية من قبيل تلك التي شهدتها مثلا زيارة حامد قرضاي الأولى إلى واشنطن بوصفه رئيساً لأفغانستان، وهو ما يعكس حقيقة أن الأوضاع الأمنية متدهورة في العراق. وقد وصف المسؤول من إدارة بوش زيارة المالكي، التي ينتظر أن تدوم أربعة أيام، بأنها "زيارة عمل". إلى ذلك، يعد إقرار الإدارة الأميركية بأن حكومة المالكي فشلت في تحسين الأوضاع الأمنية في بغداد خلال الأشهر الأولى التي تلت تنصيبها آخر حلقة في سلسلة عمليات تقييم حول العراق تعد الأكثر جدية مقارنة مع تلك التي أصدرها المسؤولون الأميركيون فيما قبل. كما تأتي النبرة الجديدة في وقت ناشد فيه "الجمهوريون" في الكونغرس البيت الأبيض التحلي بشفافية أكبر بخصوص موضوع العراق، وإبداء مرونة أكبر في ما يخص الاعتراف بالأخطاء. وإضافة إلى الأوضاع الأمنية، من المحتمل أن يناقش بوش والمالكي كذلك تنديد رئيس الوزراء العراقي الأخير بالضربات الجوية الإسرائيلية في لبنان، وهو ما يعد أول انقسام سياسي كبير بين الولايات المتحدة والعراق منذ تنصيب المالكي رئيسا للوزراء في مايو الماضي. ويذكر أن المالكي يترأس حزباً سياسياً شيعياً في العراق، ويذكر أيضا أن "حزب الله" منظمة حربية شيعية تحظى بشعبية متزايدة في أوساط الشيعة اللبنانيين. بيتر سبيغل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محرر الشؤون الخارجية في "لوس أنجلوس تايمز" ينشر بترتيب خاص مع "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"