مضى على الحرب العدوانية الشرسة ضد لبنان أكثر من اثني عشر يوماً، ولا تزال الحرب مستمرة ما دامت الولايات المتحدة لا تريد وقف الاعتداءات على لبنان حتى تحقق إسرائيل انتصاراً على "حزب الله" باحتلال جزء من الأراضي اللبنانية في الجنوب. ماذا تعني هذه الحرب لدول الخليج العربية؟ وماذا يمكن لدول الخليج عمله لإنهاء هذه الحرب وحماية لبنان وشعبه؟ والأهم من كل ذلك ما هو تأثير هذه الحرب على دول الخليج العربية؟ دول الخليج جميعها وقفت مع الحكومة الشرعية في لبنان وكلها أدانت العدوان الإسرائيلي على هذا البلد الآمن... لكن الخلاف دب بينها حول الجهة المتسببة في اندلاع هذه الحرب، فالسعودية ومعها الكويت والبحرين رأت أن "حزب الله" قد تسرع وجر لبنان والأمة العربية إلى حرب طاحنة بدون أن يستأذن الحكومة اللبنانية، ويهيئ الشعب اللبناني لمثل هذه "المغامرة". قطر والإمارات وسلطنة عمان اتخذت موقفاً أكثر اعتدالاً، بالقول إن الوقت ليس وقت توجيه الاتهامات بل علينا العمل معاً كعرب لحل الأزمة. الحرب اللبنانية مهما كانت نتائجها، حتماً ستؤثر على الأوضاع الأمنية في الخليج، من أهم هذه الآثار هو ازدياد النفوذ الإيراني في الخليج، فقبل الحرب كانت دول الخليج تشتكي من تعاظم الدور الإيراني في العراق بسبب السياسات الخاطئة للإدارة الأميركية... الآن بعد بدء الحرب في لبنان وتصاعد نفوذ وتأييد "حزب الله" المدعوم من إيران، تزايد التأييد الشعبي لإيران و"حزب الله"، وقد عبرت عن ذلك المظاهرات التي خرجت في كل من الكويت والبحرين... ففي مظاهرات الكويت التي نظمها "الاتحاد العام لطلبة الكويت" (الإخوان المسلمين) وشارك في المظاهرة نواب إسلاميون من "الحركة الدستورية" (الإخوان المسلمين) ونواب شيعة يدعمون "حزب الله"، هاجم المتظاهرون الأنظمة العربية والخليجية لسكوتها على العدوان الإسرائيلي كما انتقدوا التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الكويتي الدكتور محمد الصباح في القاهرة حين هاجم التيارات القومية، حيث سأله نواب مجلس الأمة في الجلسة الأخيرة للمجلس: "من هم القومجية يا وزير الخارجية"؟ المظاهرات التي خرجت في البحرين لا تختلف عن الكويت في مطالبها وإدانتها للأنظمة العربية، ودعوتها لدعم المنظمات الإسلامية المقاتلة في لبنان... بل كانت أكثر صخباً مما دفع بالسلطات للتدخل لتهدئة الأمور. من أهم نتائج حرب لبنان، هو تزايد نفوذ جماعات الإسلام السياسي في الخليج، سواء كانوا ينتمون إلى حركات أصولية سنية أو شيعية... ويمكن رصد ذلك من مظاهرة الكويت وجلسة مجلس الأمة الكويتي حيث هاجم النواب الإسلاميون- سنة وشيعة- وزير الخارجية وطالبوه بالاعتذار عن تصريحاته. فالنائب الخليفة وصف "حزب الله" بأنه "جبهة شرف وإن شاء الله تصل صواريخهم إلى تل أبيب"! بينما دعا النائب صالح عاشور مصر والأردن إلى قطع علاقاتهما مع إسرائيل. النائب أحمد الشحومي أكد أن الكلام لا يجدي نفعاً وسنوات قضيناها في الكلام، إنما الحل في الجهاد حتى ننقذ الأمة الإسلامية! كذلك من نتائج حرب لبنان وتأثيراتها على دول الخليج، ازدياد وارتفاع ظاهرة العداء لأميركا... هذا العداء لأميركا وسياستها في الشرق الأوسط كان منتشراً في الدول العربية الثورية... لكن اليوم بعد حرب العراق ولبنان انتشرت هذه الظاهرة في دول الخليج العربية أيضاً، حيث قام المتظاهرون في الكويت بإحراق العلم الأميركي أمام السفارة الأميركية. فإذا كانت الجماهير الكويتية التي ترتبط حكومتها والأغلبية من شعبها بعلاقات وثيقة مع أميركا منذ تحرير الكويت، نجد شبابها اليوم ينتقدون السياسة الأميركية في لبنان وفلسطين والمنطقة، فهل هذه بداية لازدياد الكراهية لأميركا في الخليج؟ وأخيراً نرى أن ازدياد الشعور الشعبي في الوطن العربي والخليج، بعجز الأنظمة العربية عن عمل أي شيء تجاه الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب اللبناني الأعزل، قد يدفعهم للانخراط في العمل مع الحركات والتنظيمات السياسية التي تدعو إلى تحرير واسترجاع الكرامة العربية المهدورة!