تطلّ في الأيام القليلة المقبلة من هذا الشهر ذكرى مرور 44 عاماً على تصدير أول شحنة من نفط دولة الإمارات إلى العالم الخارجي، حيث انطلقت أول سفينة محمّلة بالنفط الإماراتي من جزيرة "داس" في أبوظبي أواخر يوليو عام 1962، لتكون بذلك بداية التطور الكبير والتنمية الشاملة والمستمرة التي ظلت تشهدها الدولة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم. ورغم أن نسبة مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي ظلت تتراجع تدريجياً من أكثر من الثلثين في بداية السبعينيات إلى أقل من الثلث حالياً، في ظل سياسة التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة، حالياً، سيبقى النفط دعامة مهمة للاقتصاد الوطني ومصدراً أساسياً للدخل القومي، ورفاهية الشعب، لسنوات عديدة مقبلة. واستناداً إلى الإدارة الرشيدة لموارد النفط، وبفضل الاستراتيجيات والأسس التنموية الناجحة، فقد قطعت دولة الإمارات شوطاً بعيداً في مسيرة التنمية الاقتصادية، إلى جانب تغييرات مذهلة في مختلف القطاعات، مما هيأ القدرة على التجاوب السريع مع انعكاسات المتغيرات الخارجية. فبحسب ما جاء في العديد من التقارير الدولية، فقد تصدّرت دولة الإمارات، العام الماضي، جميع الدول العربية في مؤشرات القدرة على المنافسة الاقتصادية، والحرية الاقتصادية، والشفافية، ومحاربة الفساد، ومتوسط دخل الفرد. فالناتج المحلي الإجمالي الذي يعتبر من أهم المؤشرات المعبّرة عن درجة التطور الاقتصادي، ارتفع من أقل من ملياري دولار في عام 1972 إلى أكثر من 100 مليار دولار في العام الماضي، بينما ارتفع معدل دخل الفرد من 2.5 ألف دولار تقريباً عام 1972 إلى 13 ألف دولار عام 1989 وإلى أكثر من 27 ألف دولار حالياً، وهو أعلى المستويات المعيشية في الشرق الأوسط. لقد تبنّت الدولة استراتيجيات استثمارية ملائمة وأدارت مواردها النفطية بالشكل الذي مكّنها من مواكبة التغيرات الخارجية السريعة على الساحة الاقتصادية، حتى أصبحت الدولة مركزاً عالمياً وإقليميا للعديد من الفعاليات والأنشطة الاقتصادية وغير الاقتصادية. ولم تقتصر الطفرة التنموية على الجوانب الاقتصادية وحدها، بل شهدت الدولة تطورات مماثلة في المجالات الاجتماعية والتعليمية والصحية والأمنية والثقافية وغيرها. كما لم ينحصر تأثير النفط الإماراتي داخل حدود الدولة، وإنما تجاوزه إقليميا ودوليا، من خلال دعم البرامج التنموية والإنسانية في العديد من الدول العربية والأجنبية، كما تسهم الإمارات بصورة فعالة في الحد من حالة الاضطراب والقلق التي تواجهها سوق النفط العالمية من حين لآخر. ورغم كل ذلك، يظل الدور الأكثر أهمية في مسيرة التنمية التي تشهدها البلاد، ليس هو النفط في حد ذاته، وإنما القيادة الرشيدة التي أدارت وتدير موارد النفط وتوظفها لمصلحة الشعوب ورفاهيتها، فحققت بذلك كل هذه الإنجازات، خلال فترة زمنية تعد قصيرة جدا في عمر الشعوب، على الرغم من أن اكتشاف النفط واستغلاله في دولة الإمارات جاء متأخراً بضعة عقود من الزمن عن بداية تدفقه من الشرق الأوسط. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية