يعرف "ألبين كورتي" معنى السجن حق المعرفة، فقد سبق لهذا الناشط الكوسوفي أن اعتقل أكثر من ثلاثين مرة خلال السنة والنصف الأخيرة بسبب نضاله المستديم لإقرار استقلال إقليم كوسوفو ذي الأغلبية العرقية الألبانية. وتعتبر حركة "مورتي" التي ارتفع عدد المنضوين تحت لوائها إلى أكثر من الثلث خلال الشهور الأخيرة شوكة في حلق بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو التي تولت إدارة الإقليم في جنوب صربيا منذ خروج القوات الصربية من الإقليم قبل سبع سنوات إثر القصف الجوي لحلف شمال الأطلسي. وفي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة حيث يستضيف المبعوث الأممي في كوسوفو "مارتي أتيساري" خلال الأسبوع الجاري في فيينا الجولة السابعة من المفاوضات الرامية إلى تحديد الوضع النهائي للإقليم تتصاعد التوترات بين الكوسوفيين الذين يفضلون الاستقلال، وصربيا التي تتمسك بالإقليم وتريد الاحتفاظ به ضمن سيادتها. ولتعقيد الوضع أكثر أقدمت الأقلية الصربية المتمركزة في شمال كوسوفو على إنهاء تعاونها مع حكومة كوسوفو في العاصمة بريستينا. ويأتي هذا التطور في الوقت الذي يؤيد فيه أكثر من نصف سكان كوسوفو من الألبان حق تقرير المصير الذي تدعو إليه حركة "كورتي". فبعد استقالة رئيس البعثة الأممية في كوسوفو خلال الشهر الماضي شب الانقسام بين الحكومات الغربية التي تقف بجانب حق كوسوفو في تقرير المصير وحسم الوضع النهائي للإقليم مع متم السنة الجارية وبين تحفظ روسيا التي تخشى أن يشكل استقلال كوسوفو سابقة قد تحاول بعض أقاليمها المتمردة احتذاءها في المستقبل، وهو ما ينذر بتأزم الوضع في حال تمسك روسيا برفضها إنهاء السيطرة الصربية على الإقليم. وهكذا قررت أربع بلديات في شمال كوسوفو ذات الأغلبية الصربية والمحاذية لصربيا في شهر مايو الفائت وقف تعاونها مع حكومة بريستينا، وباقي المؤسسات التابعة لها بدعوى فشل الشرطة في تحديد المسؤول عن سلسلة من الجرائم وقعت في شمال البلاد. وسرعان ما سرت شائعات تقول بأن الصرب شكلوا قوات أمن خاصة بهم بعدما عبأوا أفرادا سابقين في جيش الاحتياط الصربي. وفي هذا السياق يقول "مومير كاسالوفيك" الذي يرأس أحد مكاتب التنسيق بين الصرب في كوسوفو وصربيا "أرجو ألا نفهم خطأ نحن لا نشكل ميليشيات شبه عسكرية"، مستطرداً "كل ما هنالك أن الناس حذرون، وهم يراقبون الأوضاع عن كثب بسبب وجود بعض الأشخاص الذين يثيرون الشكوك". ورغم ترجيح "كاسالوفيك" احتفاظ بعض السكان الصرب، شأنهم في ذلك شأن السكان الألبان، بأسلحتهم منذ التسعينيات، فإنه يؤكد بأن معظم الناس لا يملكون السلاح. ويضيف "كاسالوفيك" موضحاً "لا يمكن إخفاء بندقية كما يخفى الهاتف النقال، وعلى أي حال من المستحيل تشكيل ميليشيات شبة عسكرية بالنظر إلى تواجد القوات الدولية". فإلى جانب القوات الأممية المتواجدة في المنطقة هناك قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي البالغ قوامها 17 ألف فرد ترابط في إحدى القواعد بشمال كوسوفو. ومع ذلك عندما يسأل "كاسالوفيك" عن ماذا سيحدث إذا ما حاول الألبان الكوسفيون فرض سيطرتهم على الشمال الذي يضم مدارس ومستشفيات وبنية تحتية تمولها صربيا يرد مؤكداً "ستكون المحاولة دموية للغاية". ويتفق مع هذا الطرح "براتسيلاف بانتجوفيك" الذي يملك فندقاً في الشمال وسبق أن تولى مراقبة أحد الجسور لمنع قدوم الألبان خلال السنوات التي أعقبت قصف الناتو لصربيا قائلاً "سأبقى هنا إلى النهاية، لن أدع الألبان يأخذون كل شيء بسهولة". غير أن هذا التوتر في العلاقات بين الألبان والصرب في شمال كوسوفو ليس جديدا حسب ستيفن شوك الذي يشغل الآن منصب رئيس البعثة الأممية في كوسوفو بالوكالة في انتظار تعيين مبعوث جديد يخلف سلفه المستقيل، "الجديد هو التصريحات السياسية التي يطلقها رؤساء البلديات الذين أوضحوا بأنه لم تعد تربطهم أية صلة بالحكومة في بريستينا". ويؤكد ستيفن شوك بأن موقف الأمم المتحدة واضح في هذا الإطار، حيث يرفض بشدة أي تقسيم للإقليم، كما يحاول التوصل إلى تسوية وضعه النهائي مع نهاية العام الجاري. ويتوقع المراقبون أن يستند الحل إلى توصيات المبعوث الأممي المستقيل مارتي أتيساري التي سيرفعها إلى الأمم المتحدة لتشكل النواة الأساسية لقرار أممي جديد يعوض القرار السابق الذي أنشأ بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو. بيث كامبشرور ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "كريستيان ساينس مونتيور" في كوسوفو ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"