تل أبيب تخوض "حرباً غير ضرورية"... والحل العسكري وحده لا يكفي صبت الصحف الإسرائيلية هذا الأسبوع جل اهتمامها على الأزمة الجديدة التي تعصف بالشرق الأوسط والعدوان الإسرائيلي (أو الحملة العسكرية حسب التعبير الإسرائيلي) على لبنان وغزة. دعوة للتفاوض: خصصت "هآرتس" افتتاحيتها يوم الاثنين للتعليق على مقترح رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة القاضي بوقف لإطلاق النار، على اعتبار أن الهدف الذي تنشده "الحملة" الإسرائيلية في لبنان (سحق "حزب الله" ونشر الجيش اللبناني في الجنوب) يمكن تحقيقه أيضاً عبر اتفاق مع لبنان برعاية دولية، وأن الوقت موات لإجراء اتصالات في هذا الاتجاه، وبالتالي– تقول الصحيفة- لا يوجد ما يدعو لرفض المقترح اللبناني "بالكامل"، أو لأن يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لقاء بعثة الأمم المتحدة بهدف التوصل لحل لهذه الأزمة. كما دعت الصحيفة إلى محاولة حل الأزمة مباشرة مع السلطة الفلسطينية عبر السبل الدبلوماسية، معتبرة أنه من الممكن اليوم اقتراح وقف لإطلاق النار "في وقت تُظهر فيه إسرائيل قدراتها الردعية" في لبنان، على اعتبار أن "حماس" ستخرج بـ"الاستنتاجات الضرورية". الصحيفة رأت أن الهدف، في قطاع غزة كما في لبنان، ينبغي أن يكون التوصل إلى اتفاق طويل على وقف إطلاق النار مع "أي طرف يمكنه ضمان الالتزام به، سواء كان محمود عباس أو "حماس" أو كلاهما"، محذرة "من الانسياق وراء ثقافة الحرب (الأميركية) على محور الشر"، على اعتبار أن الإسرائيليين، وليس الأميركيون، هم من يعيشون في الشرق الأوسط، وهو ما يقتضي-حسب الصحيفة- ضرورة التفكير في طرق تجعل التعايش ممكنا مع الجيران. كما اعتبرت أن موقف "السعودية والأردن ومصر" التي "لا تدعم بشكل أوتوماتيكي كل هجوم يستهدف إسرائيل" ينبغي أن يشجع تل أبيب على بدء محادثات مع ما قد يتبين أنه "محور مضاد للشر". "حرب غير ضرورية": كان هذا هو عنوان المقال الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها ليوم الجمعة، وهو للصحفي "يغال سارينا" الذي يعتبر العدوان الإسرائيلي الحالي على لبنان وغزة "حرباً غير ضرورية" نظراً لأن كل ما تشهده المنطقة اليوم كان بالإمكان توقعه وتفاديه "لو كنا نتوفر على سياسيين محنكين، وأميركيين يتسمون بضبط النفس"، مرجعاً أسباب التوسع السريع لهذه الحرب إلى "ميليشيات مسلحة وجيش قوي مجروح يسعى إلى الثأر ويفتقر إلى كل الموانع". واعتبر "سارينا" أن الماضي القريب حافل بالأخطاء الإسرائيلية، من قبيل الفشل في انتهاز مرحلة ما بعد الرئيس الراحل ياسر عرفات و"تقوية" الرئيس محمود عباس، والانسحاب بشكل أحادي الجانب من قطاع غزة حيث "يسود الجوع والبؤس"، معتبراً أن إطلاق صواريخ "القسام" على إسرائيل لم يكن سوى "دعوة فقر من أولئك المختنقين والذين يحتاجون إلى أجوبة". غير أن سلسلة الأخطاء هذه لم تتوقف، حيث كان رد إسرائيل على "جرح كبرياء جيشها واختطاف أحد جنودها"، أن "قتلت نحو 100 فلسطيني من سكان غزة خلال الشهر الماضي، العديد منهم مدنيون، فيهم النساء والأطفال"، وذلك "بدلاً من المفاوضات والصبر واللجوء إلى وساطة الرئيس المصري حسني مبارك". وخلص إلى أن جميع ما تحقق في لبنان وغزة فُقد في رمشة عين، وأن "كل ما بقي لنا الآن هو التأمل في تطورات أزمة جديدة، بسبب غباء وعمى الجانبين"، اللذين يفتقران-حسب الكاتب- إلى زعماء "يتسمون بالحكمة وقادرين على إطفاء النار المشتعلة قبل أن تأتي علينا جميعاً". "هل يمكن لمجموعة الثماني النجاح حيث فشلت الأمم المتحدة؟" نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" يوم الأحد مقالاً لـ"جيرالد ستينبورغ"، مدير "برنامج إدارة النزاعات" بجامعة بار إيلان، شدد فيه على أهمية أن تضطلع مجموعة الثماني بدور أكبر في إدارة شؤون العالم في ظل ما اعتبره فشلاً للأمم المتحدة في "مواجهة الدول المارقة والمنظمات الإرهابية". وبعد أن عدد الكاتب مظاهر هذا "الفشل" على صعد "الإرهاب وإيران وجهود حفظ السلام في مناطق مختلفة من العالم"، إضافة إلى ما يعتري المنظمة الأممية من "فساد، وافتقار إلى الزعامة، ونظام أغلبية غير ديمقراطي"، رأى أن الأمل في تقليص الفوضى قد انتقل إلى مجموعة الثماني، التي قال إنها مدعوة اليوم للتعامل مع "القضايا المركزية والتهديدات، ولاسيما تلك المتعلقة بالأسلحة النووية الإيرانية"، على اعتبار أن "أمن كل أعضاء المجموعة، بما فيها روسيا، باتت مهددة من قبل نظام إيراني راديكالي يملك الأسلحة النووية". وأشار "ستينبورغ" إلى أن مجموعة الثماني قادرة، خلافاً للأمم المتحدة، على التصرف "بسرعة ومسؤولية وفعالية" بخصوص ملف إيران مثلاً، معتبراً أن من شأن سياسة موحدة من قبل مجموعة الثماني أن تسهم في "النهوض بالاستقرار وتخفض مستوى العنف ضد إسرائيل". كما أن التعامل بحزم مع إيران- يضيف الكاتب- سينعكس إيجاباً على ملف كوريا الشمالية، ليخلص إلى أن مجموعة الثماني باعتبارها "هيئة مؤسساتية تضم القوى المسؤولة في العالم" مدعوة للتصرف بمسؤولية، "ليس استكمالاً لدور الأمم المتحدة، وإنما لتحل محلها". "لا ينبغي العودة إلى الوضع السابق" كان هذا هو عنوان مقال المحلل العسكري "زئيف شيف" المنشور في صحيفة "هآرتس" يوم الجمعة الماضي، مشدداً خلاله على ضرورة أن تعمل إسرائيل على تلافي عودة الأوضاع في لبنان وقطاع غزة إلى ما كانت عليه في السابق، وعلى ألا يقتصر هدف "العمليات" العسكرية الإسرائيلية الحالية على تحرير الأسرى أو العقاب، ليشمل أيضاً منع عمليات الاختطاف وقصف إسرائيل مستقبلاً، وذلك لأن "خطر الوضع الراهن في جنوب لبنان لا يحدق بمناطق الجليل فحسب، وإنما يهدد أيضاً المدن الكبرى وسط إسرائيل". أما بخصوص قطاع غزة، فيرى "شيف" أن الحل لا يمكنه أن يكون عسكرياً فقط، حيث شدد على أن رد إسرائيل لا ينبغي أن يتمثل في إعادة احتلال قطاع غزة على اعتبار أنه "ليست لإسرائيل مصلحةٌ في حدوث أزمة إنسانية في غزة". غير أنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة منع إطلاق صواريخ "القسام" لأن "عودة إلى الوضع السابق تعني الهزيمة في المعركة". كما أشار إلى أهمية عدم رفض أي مقترح يروم الهدنة، مشدداً في الآن نفسه على ضرورة تحاشي إجراء اتصالات مباشرة مع "حماس" "قبل أن تقبل بالشروط الثلاثة التي يشترطها المجتمع الدولي"، وعلى أهمية أن يتم ذلك تحت إشراف هيئة دولية. إعداد: محمد وقيف