يمكنني أن أتخيل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متحدثاً عبر الهاتف مع الرئيس بوش قائلاً له "الأكيد أنك تعرف كيف تؤذي شخصاً ما". ها هو بوتين يستعد لترؤس مؤتمر مجموعة الدول "الثماني" الكبرى لأول مرة في مدينته المحبوبة سان بطرسبرج، حيث نشأ وترعرع. غير أن كل شيء تقوم به إدارة بوش هذه الأيام قبيل القمة يبدو مدروساً بعناية لحرمانه من البريق الذي يسعى إليه. ففي مايو الماضي، وجه ديك تشيني، في خطاب وجهه في فيلينيوس بليتوانيا أمام الدول التي كانت تدور سابقاً في فلك الاتحاد السوفييتي، اتهاماً للروس بالتراجع عن الخيار الديمقراطي. وهو ما أدى إلى تبادل كلمات غضب بين وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" أثناء اجتماع بنيويورك لم يحظ بتغطية كبيرة من قبل وسائل الإعلام. وإضافة إلى ذلك، وجه بوش إلى ميخائيل ساكاشفيلي، رئيس جمهورية جورجيا التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي، دعوة لزيارة واشنطن، وهو الذي اتهم بوتين بمحاولة إضعاف حكومته. كما أن بوش مد يده إلى جورجيا معلناً عن تأييده لجلبها إلى حظيرة "الناتو"، في وقت يزداد فيه التوتر بين جورجيا وموسكو حدة. إلى ذلك، زار بوش المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل توجهه إلى سان بطرسبرج. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن ميركل نشأت في ألمانيا الشرقية، التي كانت مستعمرة سوفييتية أخرى. وفي حال كان أحد في حاجة إلى تذكيره بدلالات هذه الزيارة، قال الرئيس بوش إن المستشارة "تعرف معنى العيش في عالم تنعدم فيه الحرية". وبالتالي، فما سمعناه من بوتين مع اقتراب موعد القمة هو ما يمكن أن نصطلح عليه بالتودد تجاه الولايات المتحدة، حيث وصف بوش بـ"الصديق المحترم" والولايات المتحدة بـ"واحدة من أهم شركاء" روسيا. والحقيقة أن كل ذلك أمر جيد، ولكن هل روسيا مستعدة لدعم الولايات المتحدة في الأوقات العصيبة؟ بوتين يصف إطلاق كوريا الشمالية لصواريخها بالأمر المخيب للآمال، غير أنه يقول في الوقت نفسه إن عملها ذاك يندرج في إطار حقها الشرعي. كما يصف رد إيران على مقترح الجزرة والعصا الغربي بالمتأخر. غير أن الكرملين لم يشر في كلتا الحالتين إلى اعتزامه تأييد مقترح أميركي يقضي بفرض عقوبات. كدت أنسى أن بوتين اتصل ببوش ليهنئه بمناسبة عيد ميلاده الستين. لقد كانت لفتة طيبة حقاً! ـــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"