عندما صرح معالي وزير العمل، علي بن عبدالله الكعبي، الأسبوع الماضي، بأن هناك "حرباً" على دبي خصوصاً، والإمارات عموماً، بشأن العمالة الأجنبية الرخيصة التي تعمل في قطاع الإنشاءات، كان يعني ما يقول. فخلافاً لتقارير منظمة "هيومان ووتش" لحقوق الإنسان وغيرها من المنظمات العالمية التي تتهم السلطات الإماراتية بالتراخي تجاه الانتهاكات التي تتعرّض لها هذه العمالة، والتي يأتي معظمها من شبه القارة الهندية، هناك حرب إعلامية شرسة في هذا الخصوص، تشنّها الصحف ووكالات الأنباء الغربية والآسيوية تحديداً على دولة الإمارات، متجاهلين عمداً أو جهلاً إجراءات متتالية تتخذها الدولة لحماية العمال الأجانب وصون حقوقهم. وبالأمس أوردت وكالة "رويترز" تقريراً تحت عنوان: "العمال الآسيويون يكدّون لبناء الإمارات مقابل عوائد هزيلة"، متناسية في الوقت نفسه أن الوافدين في الإمارات حوّلوا إلى بلدانهم العام الماضي وحده 58 مليار درهم، أي ما يعادل 17% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بأكمله، وأن هذه التحويلات تتزايد بنسبة 13% سنوياً، بل إن التحويلات من دولة الإمارات وحدها تشكل بهذا الحجم نحو 6.8% من مجموع التحويلات المسجلة رسمياً على مستوى العالم كله، والتي بلغت العام الماضي نحو 232 مليار دولار. إن صحفاً مثل "الأوبزيرفر" البريطانية، التي ذكرت في تقرير مطوّل لها حول الاحتجاجات العمالية الأخيرة في الدولة، أن هؤلاء العمال "يعانون شظف العيش"، وصحيفة "أساهي شيمبون" اليابانية، التي وصفت معاملة العمال الأجانب في الدولة بتعابير مثل "أعمال عبودية"، وصحيفة "دي إن أيه إنديا" الهندية التي تحثّ الإمارات على تلبية طلبات العمال كزيادة الأجور، وتوفير سكن ملائم، وإجراءات السلامة، وغيرها من الصحف الأجنبية، غابت عنها جميعها الحالة المزرية التي يعيش فيها هؤلاء العمال في أوطانهم، مما يدفعهم إلى دفع مبالغ طائلة لوكالات التوظيف في الدول الآسيوية لضمان الحصول على وظيفة في دولة الإمارات. وإن كان لابد من توجيه اللوم في هذه القضية، فأحرى أن يوجّه أولاً إلى الحكومات الآسيوية ووكالات التوظيف هناك وإلى العمال أنفسهم، قبل أن يوجّه هذا النقد إلى حكومة الإمارات أو إلى صاحب العمل بدولة الإمارات. ورغم هذه الحقائق والمعطيات، ورغم أن الاضطرابات التي تنفخ فيها الصحافة الأجنبية لا تتجاوز نسبتها في الإمارات نصفاً في المئة فقط، متجاهلة نسبة إيجابية تتجاوز 99.5%، حيث وقعت اضطرابات عمالية العام الماضي، لدى 30 شركة من أصل أكثر من ربع مليون شركة مسجلة في الإمارات، فقد بدأت وزارة العمل إطلاق حملة شاملة لحماية حقوق العمال الوافدين بها، ووقف العمل تماماً في ساعات الظهيرة، في الأماكن المكشوفة، لحماية العمال من التعرّض لأشعة الشمس، وإنزال عقوبات رادعة على كل الشركات التي تخالف ذلك، كما تستعد الوزارة لإحداث حزمة من التغيرات الجوهرية في قوانين العمل خلال الفترة المقبلة، يضاف إلى قانون "محاربة الاتجار بالبشر"، الذي أقرته اللجنة الوزارية للتشريعات بالدولة مؤخراً. ومن خلال هذه التحركات تكون حكومة الإمارات قد اتخذت خطوات جبارة لسدّ كلّ الذرائع والثغرات التي ينفذ من خلاها الإعلام الأجنبي لتشويه صورة الدولة، مثل ما حسمت من قبل وبصورة جذرية ملف استغلال الأطفال في سباقات الهجن، وهو الملف الذي طالما مثّل ولسنوات عديدة مادة دسمة للصحافة الأجنبية. ــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث