عند النظر إلى متوسط نصيب الفرد من الإنفاق على التعليم، وبناء على الأرقام الواردة في التقارير العالمية الرسمية، نجد أن دولة الإمارات لا تزال دون المستويات المطلوبة، حيث إن ما تنفقه الدولة لا يتجاوز 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي، حالياً، مقارنة بأكثر من 1.9% عام 1990، مما يعني تراجع الإنفاق على التعليم بأكثر من 25% خلال الفترة الماضية، بينما تضاعف عدد الطلاب ودور العلم، خلال الفترة نفسها. ففي تقرير أعده "البنك الدولي" حول تطوير التعليم في دولة الإمارات عام 2000، قدرت تكلفة التطوير بنحو 328 مليار درهم حتى عام 2020، بمتوسط 16.5 مليار درهم سنوياً، وهو ما يعادل نحو 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ويزيد على 60% من إجمالي موارد الميزانية الاتحادية. ومن المنتظر أن تبدأ غداً السبت، عملية الاكتتاب الخاص في مشروع "مدارس"، وهي شركة مساهمة خاصة برأسمال 500 مليون درهم تم تأسيسها بهدف إرساء معايير عالية المستوى للتعليم في الإمارات، من خلال 14 مدرسة ابتدائية وثانوية يتوقع افتتاحها في غضون السنوات الخمس المقبلة. ولاشك أن هذا الحدث يعد تحوّلاً مهمّاً في ما يمكن أن يقوم به القطاع الخاص من أدوار مساندة في مجال التربية والتعليم خلال المرحلة المقبلة، بعد أن بدأت قضية تمويل التعليم والتدريب في الدولة تطرح نفسها مؤخراً وبقوة، بحثاً عن حلول دائمة، وطرق بديلة للتمويل، منها تنمية المصادر المالية غير الحكومية، واستخدام مؤسسات التعليم والتدريب كمكاتب استشارية ومراكز إنتاج، وزيادة دور القطاع الخاص والشعبي في دعم هذه المؤسسات، من خلال الاستثمار والدعم المباشر وغير المباشر والوقف. إن قضية تمويل التعليم والتدريب في دولة الإمارات تستفحل من عام لآخر، وإن خلاصة كل ما كُتب أو قيل عن توفير مصادر جديدة لتمويل التعليم والتدريب في دولة الإمارات، يؤكد أن "خصخصة" هذا القطاع هي أنجع وسيلة لتطويره، وهو ما تقتضيه متطلبات المرحلة المقبلة. وهنا يتمثل التحدي الحقيقي للتعليم الخاص في تحقيق الربح المادي، وفي الوقت نفسه توفير تعليم متميّز يلبّي احتياجات المجتمع ويواكب مستجدات العصر ومتطلباته. فالربح مسألة مشروعة وضرورية لاستمرار هذا القطاع باعتبار أنه يقوم على تطوير نفسه من خلال الاستثمار المالي، إلا أن ما أوضحته التجارب السابقة لهذا القطاع يشير إلى أن هناك فرقاً بين الربح الذي تقتضيه طبيعة هذا القطاع، وبين التجارة في العلم، وهو ما يلجأ إليه التعليم الخاص في المقام الأول. إن أهمية التعليم الخاص الذي هو جزء من المنظومة الوطنية بالدولة، يدفعنا إلى المطالبة بالتركيز على أهمية الجمع بين المتطلبات التعليمية مع مراعاة هامش الربح الذي يجب أن تحققه من خلال الاستثمار في هذا القطاع. وهذا ما يقتضي ضوابط وآليات تنظيمية واضحة وملزمة تضمن الحصول على تعليم متميز وشديد المرونة يتأقلم سريعاً مع متطلبات سوق العمل المحلية ومع التطورات العالمية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث