تشكل الوظائف ذات الدخل الجيد العامل الأول لجذب الأشخاص الذين يفدون إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية. لذا فإن بلورة استراتيجية شاملة للهجرة تشمل برنامج العمل المؤقت الذي اقترحه الرئيس بوش بات ضرورياً لوقف التدفق الكبير في أعداد المهاجرين غير القانونيين إلى هذا البلد. ولن يكتب النجاح لهذه الاستراتيجية الطموحة وتثمر عن النتائج المرجوة ما لم يصاحبها مراقبة صارمة لأماكن العمل مع عقوبات صارمة تُنزل بأرباب العمل الذين يقبلون توظيف مهاجرين من دون أوراق لتعظيم أرباحهم على حساب القوانين الجاري العمل بها. ولهذا السبب تم استحداث وكالة مراقبة الهجرة والجمارك في أعقاب 11 سبتمبر 2001، حيث اقتصر عملها في البداية على مراقبة المناطق الحساسة مثل المواقع النووية والمحطات الكيمياوية التي يمكن أن يتسلل إليها العمال غير الشرعيين ومن خلالهم العناصر المخربة. لكن المراقبة امتدت من المواقع الحساسة التي مازلنا نحيطها بعنايتنا إلى باقي مواقع العمل التقليدية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أننا في الوكالة نتبع خطاً حازماً للغاية في التعامل مع المخالفين من أرباب العمل الذين يوظفون عمالاً دون إقامات شرعية في الولايات المتحدة. فنحن في وكالة مراقبة الهجرة والجمارك اعتبرنا أنه لا مناص من متابعة المخالفين قضائياً ومصادرة ممتلكاتهم كأحد السبل الناجعة لمكافحة الهجرة غير الشرعية والحد من تدفق المزيد من المهاجرين السريين على المدن الأميركية. ومع احتدام حدة النقاش حول الهجرة ومشاكلها على الساحة الأميركية بدأت تتصاعد الأصوات المنتقدة للوكالة، متهمة إياها بالقصور في أداء مهامها بسبب تراجع عدد الغرامات المفروضة على أرباب العمل. لكن ما يجهله المنتقدون أننا في الوكالة ضاعفنا جهودنا أكثر مما يتصورون. وإذا كانت الغرامات قد تراجعت بالمقارنة مع السابق فذلك راجع إلى التغيير الذي طرأ على استراتيجيتنا العامة في التعامل مع الهجرة السرية. هذا التغيير في الاستراتيجية جاء بعد تقييمنا للجهود السابقة في محاربة الهجرة غير الشرعية التي كانت تبذلها مصلحة الهجرة والجنسية السابقة. فقد كانت تكتفي بفرض الغرامات على أرباب العمل المخالفين لقوانين الهجرة، واستثمرت الكثير من الوقت والجهد في متابعة المخالفين لتكتشف في النهاية أن الغرامات غالباً ما تدفع متأخرة، أو تقلص إلى مبالغ تافهة. وبالنسبة للعديد من أرباب العمل لم تكن تلك الغرامات أكثر كلفة عادية لمتابعة الأعمال لا تشكل رادعاً قوياً للمخالفين. لذلك قررنا من خلال وكالة مراقبة الهجرة والجمارك اللجوء إلى المتابعة القضائية ومصادرة الممتلكات لفرض احترام القانون على أرباب العمل من الذين لا يتوانون في توظيف العمال المهاجرين بطريقة غير شرعية وبأجور زهيدة لتحقيق المزيد من الأرباح. ولا شك أن احتمال قضاء عشر سنوات وراء القضبان وفقدان منزل جديد أو سيارة فارهة بسبب مخالفة القوانين سيكون له قوة أكثر ردعاً من الإجراءات السابقة، كما سيمنح الوكالة قدرة أكبر على فرض احترام القانون وصلاحيات أوسع في مراقبة مواقع العمل المختلفة. ولتوضيح عمل الوكالة أكثر دعونا نأخذ مثال أحد المطاعم في بالتيمور. ففي إحدى الزيارات التفتيشية للمطعم اكتشفنا وجود 15 عاملاً غير شرعي يعملون في المطعم دون أوراق ولا حقوق ويعيشون في ظروف مزرية. وبالطبع كان أصحاب المطعم يستغلون هؤلاء العمال ليجنوا الأرباح الطائلة ويشتروا المقتنيات الغالية من سيارات وغيرها. رد موظفو الوكالة باعتقال المخالفين وتوجيه تهم لهم بغسل الأموال وإيواء عمال غير شرعيين، كما قمنا بمصادرة مقتنياتهم الباذخة واحتجزنا عشرة حسابات بنكية، بالإضافة إلى منزل واحد على الأقل شري من عائدات توظيف عمال غير شرعيين. وبعد مثولهم أمام المحكمة تمت إدانة المخالفين وحجز أكثر من مليون دولار من ممتلكاتهم التي حصلوا عليها بمخالفتهم للقانون واستغلالهم عرق العمال غير الشرعيين. لكن كيف كانت ستتعامل المصلحة السابقة للهجرة والجنسية مع حالة كهذه؟ كان سيكتفي موظفو المصلحة بالنظر في سجلات المطعم واكتشاف تجاوز بسيط على الورق. ولن تتخطى العقوبات غرامة 20 ألف دولار بينما أصحاب المطعم سيخرجون من القضية دون أن يتهموا بارتكاب ولو جنحة واحدة. وفي كثير من الأحيان يتم التفاوض لتقليص قيمة الغرامة لتنخفض إلى لا شيء. وهكذا تمكنت وكالة مراقبة الهجرة والجمارك خلال السنة المالية الجارية من وقف 382 شخصاً بتهم مخالفة القوانين بعد التفتيش الميداني لمواقع العمل، فضلا عن 2100 شخص تورطوا في تجاوزات مرتبطة بالهجرة السرية. ولم يتجاوز عدد الاعتقالات في 2002، وهي السنة الأخيرة من عمل مصلحة الهجرة والجنسية السابقة أكثر من 25 حالة، كما أن إجمالي الاعتقالات التي شملت المخالفين لقوانين الهجرة لم يتعد 485 حالة. ودعماً للجهود التي تبذلها الوكالة واعترافاً منه بدورها الفعال في مراقبة الهجرة والحد منها طالب الرئيس بوش باعتماد 41.7 مليون دولار لتمويل عمليات التفتيش الميداني لمواقع العمل خلال السنة المالية 2007. وستساهم هذه الاعتمادات المالية في استقطاب 171 موظفاً جديداً و35 مساعداً للإشراف على عمليات التفتيش وتنفيذ القوانين المتعلقة بالهجرة. هذا وتراقب الوكالة باهتمام بالغ النقاش الدائر حالياً حول الهجرة تحت قبة الكونجرس الأميركي على أمل أن يوافق المشرعون الأميركيون على فرض المزيد من العقوبات المدنية ضد المخالفين، فضلاً عن إتاحة الوصول إلى المعلومات المتوفرة لدى التأمين الاجتماعي. فهذه خطوات مهمة تمكننا من المقارنة بين بيانات إدارة التأمين الاجتماعي والسجلات التي يقدمها أرباب العمل والتي غالبا ما تشير إلى وجود عمال غير شرعيين في مواقع العمل. جولي ميرز مساعدة وزير الأمن الداخلي الأميركي لشؤون الهجرة والجمارك ينشر بترتيب خاص مع خدمة " لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"