بعد أيام تميزت بأجواء عدم اليقين، أعلن مسؤولو الانتخابات الرئاسية المكسيكية يوم الخميس عن فوز المرشح فيليب كالديرون المحافظ في السباق الرئاسي بأقل من 1 في المئة من الأصوات. غير أن منافسه اليساري رفض قبول النتائج، معلناً اعتزامه رفع القضية إلى القضاء من أجل إعادة فرز بطاقات التصويت. وأعلن مسؤولو الانتخابات أن كالديرون فاز بفارق 243000 صوت من أصل الـ41 مليون صوت التي تم الإدلاء بها يوم الأحد. أما كالديرون فأعن أنه سيعمل جاهداً على الاحتفاظ بالانتصار الذي حققه على عمدة مدينة مكسيكو الشعبوي أندريه مانويل لوبيز أوبرادور، إذ ظهر كالديرون، البالغ 43 عاماً، في المساء أمام أنصاره بمقر حزبه، حيث ألقى كلمة دامت زهاء نصف ساعة بمناسبة فوزه قائلاً إن قوات السلام تغلبت على قوات العنف. كما ناشد أنصار المترشحين الآخرين ومكسيكيي جميع الأحزاب التكتل والتوحد "نزولاً عند رغبة الناخبين"، قائلاً "إنني أعتبر آمال الأشخاص الذين صوتوا لمرشحين آخرين جزءاً من مسؤولياتي". والواقع أن عملية الفرز الرسمية دشنت لمرحلة جديدة في المعركة السياسية الطاحنة بين الرجلين، حيث مهد رفض "لوبيز أوبرادور" الاعتراف بالهزيمة الطريق أمام تحدٍّ قانوني يمكن أن يستغرق أسابيع قبل البت في الشخصية التي ستفوز بمنصب الرئيس. فقد دعا أنصاره إلى التجمع بالساحة المركزية التاريخية بالعاصمة يوم الأحد، في استعراض للقوة يؤشر على أنه يعتزم استعمال المظاهرات الحاشدة في الشارع من أجل ممارسة الضغط الشعبي على المحكمة وحملها على الاستجابة لمطالبته بإعادة فرز الأصوات. وفي هذا الإطار، قال لوبيز أوبرادور، البالغ 52 عاماً: "لا يمكننا قبول النتائج، ولذلك فإننا نطالب بالشفافية والوضوح، ونطالب بإعادة فرز الأصوات في كل مكاتب الاقتراع". ويعني إصرار لوبيز أوبرادور على الطعن في النتائج أن "المحكمة الانتخابية الفيدرالية"، التي أنشئت بهدف البت في النزاعات الانتخابية، ستصدر حكمها حول ما إن كان الأمر يستدعي إعادة فرز البطاقات. وفي هذا السياق، يرى بعض المتخصصين في الشؤون القانونية أنه إذا كان الحكم بذلك غير مرجح، فإنه ليس بالمستحيل. واعتبر لوبيز أوبرادور أن الانتخابات كانت حافلة بالخروقات، مستنتجاً أنه لا يمكن الوثوق بالفرز الرسمي، حيث اشتكى رفقة قادة حزبه "حزب الثورة الديمقراطية" من أن مسؤولي الانتخابات المحليين لم يستجيبوا لمطالب بإعادة فرز الأصوات في مكاتب الاقتراع التي أسفرت عمليات الفرز فيها عن نتائج غير مألوفة يومي الأربعاء والخميس. ومن جهتهم، أعلن مساعدو "لوبيز أوبرادور" أنه يعتزم إقناع المحكمة بضرورة إجراء عملية فرز ثانية للأصوات نظراً لأن مسؤولي الانتخابات ألغوا عدداً كبيراً من الأصوات- 904000 لأنهم لم يفهموا نية الناخبين، معتبراً أن هذه الأصوات اللاغية هي من الأهمية بحيث يمكنها أن تقلب النتائج. هذا ومن المرجح أيضاً أن يشير "لوبيز أوبرادور" إلى وجود أخطاء في الحالات القليلة التي قام فيها مسؤولو الانتخابات بإعادة فرز الأصوات، خصوصاً وأن معظم هذه الأخطاء كانت تصب في مصلحة "كالديرون" وتضر بحظوظ "لوبيز أوبرادور". والحال أنه حين الإعلان عن النتائج، أكد "لويس كارلوس أوغالدي"، رئيس "المعهد الانتخابي الفيدرالي"، أن مسؤولي الانتخابات "التزموا بالقانون وتحققوا من أن أصوات المكسيكيين تم عدها بكل شفافية". إلى ذلك، أعاد قرار "لوبيز أوبرادور" بتنظيم مظاهرة يوم السبت إحياء المخاوف من اندلاع اضطراب سياسي بالبلاد، ذلك أن العمدة "الشعبوي" السابق معروف باستعماله المظاهرات من أجل الاحتجاج على ما يعتبره انتخابات مزورة. وفي هذا الإطار، يقول "فريديريكو أريولا"، مستشار حملة "لوبيز أوبرادور": "لقد كلف إنشاء الديمقراطية في هذا البلد الكثير؛ ولذلك، فنحن لا ننوي التخلي عنها بسهولة"، مضيفاً "لا يوجد سبب لأن يتراجع لوبيز أوبرادور أو يدافع عن نظام لا ينتمي إليه". يُذكر أن "المعهد الانتخابي الفيدرالي" أعلن عن نتائج عملية الفرز الرسمية يوم الخميس. ومن المرتقب أن تُرفع نتائج الفرز إلى المحكمة الانتخابية من أجل اعتمادها يوم غد الأحد، وهي العملية التي تعد عادة شكلية. وحسب مسؤولين بالمعهد الانتخابي، فستكون أمام "لوبيز أوبرادور" بعد ذلك فرصة إلى يوم بعد الاثنين للمطالبة بإعادة فرز الأصوات. هذا وكان التقنوقراطي "كالديرون" قد رفع خلال حملته الانتخابية شعار العمل على رفع مستوى تنافسية المكسيك في الاقتصاد العالمي بهدف جلب الاستثمارات الخارجية ومواصلة سياسات التجارة الحرة التي ينتقدها غريمه ويُحملها مسؤولية إفقار العديد من المكسيكيين. وقد عرف "كالديرون" باهتمامه بالسياسة منذ نعومة أظفاره. وحاز على الإجازة في القانون والماجستير في العلوم الاقتصادية في المكسيك، قبل التوجه إلى جامعة هارفارد التي نال فيها الماجستير في الإدارة العمومية. وقد كان سنه حين الترشح لأول منصب عمومي لا يتجاوز السادسة والعشرين عاماً، حيث فاز بمقعد في مجلس مدينة مكسيكو. وبعد ذلك، فاز بولايتين منفصلتين في الكونغرس المكسيكي، غير أنه فشل في الفوز بمنصب حاكم الولاية التي ينتمي إليها عام 1995. وقد قاد كالديرون حملة قاسية، وسلبية أحياناً، ضد منافسه "لوبيز أوبرادور"، متهماً إياه بـ"اليساري" غير المسؤول الذي يدفع البلاد نحو الإفلاس، وملمحاً إلى أنه يمثل "مشروع ديكتاتور"، حيث شبهه بالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز. وهي الحملة التي آتت أكلها، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن كالديرون بدأ السنة بعشر نقاط خلف "لوبيز أوبرادور"، ولكنه سرعان ما تدارك الفارق ليفوز وفق نتائج عملية الفرز الرسمية بفارق طفيف. جيمس سي. ماكينلي وجينجر تومسون ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسلا "نيويورك تايمز" في العاصمة المكسيكية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"