أعتقد أن مقال جمال خاشقجي: "إيان حرسي والتواصل الخاطئ مع العالم"، الذي نشرته "الاتحاد" يوم الثلاثاء الماضي اتسم بالعمق والرزانة. فالغربيون الذين يتساءلون من حين لآخر: "لماذا يكرهوننا؟"، وهم يظنون أن العرب والمسلمين يكرهونهم فقط لأن بعض شراذم الإرهابيين اعتدوا عليهم، إنما يقعون في خطأ واضح وجسيم، فنحن العرب لا نكرههم بأي شكل، ولا نكره ثقافتهم، بل نحن معجبون بأشياء كثيرة لديهم. ولكن عندما تعطي الدول الغربية والإعلام الغربي لسيدة نكرة مثل "إيان حرسي" لا أطروحات سياسية لها، ولا آراء لها سوى التهجم على الإسلام وعلى مبادئه، فإن كثيراً من الناس في الوطن العربي ينظر إلى ذلك باعتباره موقفاً مستفزاً وينم عن كراهية دفينة للإسلام وللعرب. فتحويل "حرسي" إلى بطلة وهمية وجعلها تنال كل هذا الاهتمام إلى حد استقالة حكومات على خلفية موضوعها ليس موقفاً معبراً عن حسن نية. وما نريده نحن من الغرب هو أن يتعامل معنا ومع ثقافتنا دون الانطلاق من أحكام مسبقة. فلهم دينهم وعاداتهم وثقافتهم ولنا مثلها. ولا مانع مع ذلك من أن نتبادل التأثر والتأثير معهم، لأننا نعيش في عالم واحد. ولكن في حدود احترام الآخر، وبالاستناد إلى القيم الإنسانية العليا المشتركة، وإلى المشتركات الدينية والثقافية بيننا وبينهم وهي كثيرة، وليس عن طريق ترويج وتلميع الشتامين والمجدفين والانتهازيين والانتهازيات أيضاً. منصور زيدان - دبي