خرجت من متابعتي لمشاركة المرأة لأول مرة في الانتخابات الكويتية بأن التمايز بين الرجل والمرأة ما زال طاغياً في أكثر دول الخليج انفتاحاً، ما يعني أن حضور المرأة في البرلمانات الخليجية سيظل معدوماً ما لم تتدخل الحكومات الخليجية بشكل مباشر لدعمها إذا كانت هناك رغبة في وصول المرأة إلى المجالس التشريعية. وقد زاد من خيبة الأمل الكبيرة للكثير من المراقبين بعد فرز الأصوات بأن غالبية النساء لم يتطرقن للمرأة بل أعطين أصواتهن للرجال فنحو 75% من الناخبين كن نساء. وقد أثبتت تجربة الكويت، ومن قبلها تجربة البحرين وعُمان وقطر، أنه ما لم تكن هناك "كوتا نسائية" فإن أصوات النساء ستسير نحو انتخاب الرجال وعلى امتداد فترة غير محددة، إذا انتظرنا إلى أن ينضج المجتمع وتتغير ثقافته ونظرته تجاه المرأة، وستظل إمكانيات المرأة مهمشة، وستستمر النظرة التشكيكية في قدرتها وكفاءتها للعمل السياسي إلى وقت غير قريب. فالانتخابات التشريعية الكويتية أوضحت أن هناك سدوداً منيعة وعالية من العادات والتقاليد تحول دون تمكن المرأة من الوصول إلى قبة البرلمان، ويتمثل الحل في كسر هذه الحواجز في سن نظام "الكوتا النسائية" وتخصيص نسبة من المقاعد البرلمانية، للنساء لدورات عدة، على الأقل، حتى يترسخ وجود النساء في البرلمان ويتقبل المجتمع بوجودهن وبالتالي ينلن رضا المجتمع واقتناع الناخبين والناخبات، عندما يخضن المعترك الانتخابي مستقبلاً. فالنساء الخليجيات يبذلن الكثير من أجل الحصول على حقهن السياسي، وربما -يبذلن- ضعف ما يبذله الرجل الذي يمارس العمل الانتخابي قبلهن بسنوات ومع ذلك فإن احتمالات فوزهن، تكون "صفراً"، كما هو الحال في الكويت. لذا فهن يحتجن إلى دعم ومساعدة من الحكومات الخليجية لكي يجتزن الحواجز ويتمكن من المشاركة في صنع القرار وممارسة حقهن السياسي. وهناك من النساء الخليجيات من يرفضن فكرة "الكوتا السياسية" كما لا تلاقي فكرة القرارات الفوقية ترحيباً من بعضهن ويعتبرنها انتقاصاً من مكانتهن المجتمعية، كما أن العديد من الرجال يرفضونها من منطلق أنها لا تحقق عدالة دستورية وأن هذا يعطي تميزاً للمرأة ضده. ولكن أعتقد أنه إذا طبقت على أنها فكرة، مرحلية ولدورات تشريعية محددة، فقط، أتصور أنها ستجد قبولاً من الكثيرين ممن يؤمنون بحق المرأة السياسي، خاصة أن العديد من دول العالم، بما فيها دول عريقة ديمقراطياً، تطبق نظام "الكوتا" لما تعانيه المرأة من تمييز في العالم، فتطبيقها لحين تلاشي الموانع والظروف، أولها المرأة نفسها التي تشكك في قدرة بنت جنسها حيث تصوت في كل انتخاب للرجل. فهذه هي الوسيلة الوحيدة لاختراق هيمنة الذكور على الحياة البرلمانية وهو المدخل الرئيسي لإصلاح الخلل في المعادلة الانتخابية الخليجية وبالتالي تشجيع النساء على المشاركة السياسية والحد من تهميشهن. لأن مسألة دخول المرأة إلى البرلمان ومواقع صنع القرار في دول الخليج، أمر ليس بالسهل ولا يمكن التأكيد بأن الانفتاح الاجتماعي كافٍ لأن تحصل المرأة على حقها بأنها "نصف المجتمع". وهي الوسيلة -الكوتا- المناسبة لإقناع الرجل بالمرأة، بدلاً من أن تكون الصورة متكررة في الانتخابات القادمة، "لم ينجح أحد من النساء". فواقع المجتمع الخليجي بناءً على الانتخابات التي جرت حتى الآن والتوجهات والميول والقيم الاجتماعية كلها ضد المرأة لذلك من المشكوك فيه وصولها عبر صناديق الاقتراع إلى قبة البرلمان. إن الحاجة إلى استقامة المشاركة السياسية تحتاج إلى النصف الثاني للمجتمع ونظام "الكوتا" يحقق توازناً للمعادلة في دول الخليج في الوقت الحاضر، لذا فإن تعيين المرأة الخليجية في البرلمان فيه إنصاف لها وللمجتمع وهي بذلك تهيئ المناخات الملائمة لخلق الأوضاع التي تضمن وصول المرأة للبرلمان بالانتخاب. فحاجتنا كمجتمع مُلحة لأن تكون المرأة في البرلمان وأن نفكر بوعي وموضوعية بدلاً من أن تظل المرأة مهمشة كما هو الحال الآن نزولاً عند الأسباب التاريخية والمجتمع واستسلاماً لتقاليد لم تعد تعبر عن وجهات نظر الكثيرين ولم تعد تحفظ مصالحنا بل هي قيود تبدد قوانا!.