أشارت نتائج استطلاع الرأي الذي نشرته صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية يوم الاثنين الماضي إلى أن الغالبية العظمى من البريطانيين المستجوبين، يعتبرون أن الولايات المتحدة تقوم بعمل سيئ في العراق، كما أنها لا تكترث للرأي العالم عندما يتعلق الأمر بسياساتها الخارجية. واتفق المستجوبون أيضاً في نظرتهم السلبية حول الخصائص الاجتماعية المميزة للولايات المتحدة، حيث أفاد أغلبهم بأن المجتمع الأميركي يعيش فوارق عرقية وتهيمن عليه الشركات الكبرى، فضلاً عن الانشغال بالبحث عن المال. وتعقيباً على نتائج استطلاع الرأي التي جاءت تحمل مواقف سلبية تجاه أميركا كتب أنطوني كينج، أستاذ الحكومة في جامعة إيسكس ببريطانيا، تحليلاً نشرته "ذي تليغراف" قال فيه إن "الولايات المتحدة لم تنحدر في أي وقت سابق إلى المستوى المتدني الذي وصلته اليوم في أنظار الضفة المقابلة من الأطلسي". وفي إشارته للعلاقة الحميمة التي تجمع بين الرئيس بوش ورئيس الوزراء توني بلير، أوضح البروفيسور كينج أن "العلاقة الخاصة" التي يسود اعتقاد واسع لدى القادة البريطانيين بأنها راسخة مع الولايات المتحدة "قد تكون موجودة فعلاً في مقر رئيس الوزراء البريطاني، أو في البيت الأبيض، لكن على المستوى الشعبي بدأت تلك العلاقة في الضمور". يذكر أن استطلاع الرأي الذي كشف تلك النتائج أجرته المؤسسة البريطانية المتخصصة "يوجوف"، حيث استطلعت رأي 1962 من البريطانيين وقارنت النتائج مع الوزن الديموغرافي للخروج بصورة شاملة تعكس المواقف الحقيقية للجمهور البريطاني حول الولايات المتحدة. ولا يتجاوز هامش الخطأ ثلاث نقاط، إيجاباً أو سلباً. ورغم إبداء الغالبية الساحقة من البريطانيين لمواقف إيجابية تجاه الأفراد الأميركيين بنسبة وصلت 70% من المستجوبين، إلا أن أكثر من الثلثين أكدوا أن موقفهم العام من الولايات المتحدة أصبح سلبياً أكثر خلال السنوات الأخيرة. وقد أجري استطلاع الرأي في الفترة بين 26 و28 يونيو الماضي، عاكساً الاتجاهات الأساسية في الموقف من أميركا منذ مطلع 2003 عندما تحدى توني بلير الرأي العام البريطاني واصطف وراء جورج بوش في حربه على العراق. من ناحيتها دخلت سفارة الولايات المتحدة في لندن على الخط معلنة أن العالم أصبح أكثر أمناً بعد الإطاحة بنظام "طالبان" في أفغانستان وبصدام حسين في العراق. وقد استشهدت صحيفة "ديلي تليغراف" بتصريح المتحدث باسم السفارة الأميركية الذي قال إن الولايات المتحدة ربما لم تنجح في إيصال "الدينامية المتميزة" التي أحدثتها، منتقداً في الوقت نفسه وسائل الإعلام البريطانية لتجاهلها قصص النجاح الاقتصادية والاجتماعية في الولايات المتحدة. ومن بين المستجوبين الذين استطلعت آراؤهم اعتبر 77% منهم أن الولايات المتحدة لا تشكل في نظره "منارة للأمل في العالم". وبالمقارنة مع استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة "جالوب" في عام 1975 انخفضت ثقة البريطانيين على نحو ملحوظ "في قدرة أميركا على التعامل بحكمة مع المشكلات المعاصرة التي يواجهها العالم". وفي سؤال وُجه للمستجوبين لتقييم الرئيس بوش كقائد وصفه أكثر من ثلاثة أرباع المستطلعة آراؤهم إما بـ"السيئ قليلاً" بنسبة وصلت إلى 34%، أو أنه "سيئ للغاية" بنسبة 43%. كما أفاد 72% من المستجوبين بأن السياسية الخارجية الأميركية لا تحركها الرغبة في نشر الديمقراطية بقدر ما تحركها المصالح الخاصة للولايات المتحدة. وفيما أكد ثلثا المستجوبين أن القوات الأميركية تقوم بـ"عمل سيئ" في معركة "كسب العقول والقلوب" في العراق، استخدم 54% نفس التعبير لوصف الجهود الأميركية الرامية إلى إحلال الديمقراطية في بلاد الرافدين. وتابع البروفيسور كينج تحليله لنتائج استطلاع الرأي قائلا: "تظهر أميركا على هذه الضفة من الأطلسي كما لو أنها مجتمع تسوده التفرقة العرقية والطبقية بعدما فشلت في توفير فرص متكافئة لمواطنيها". وفي هذا الصدد يعتقد 72% من المستجوبين أن المجتمع الأميركي هو في الأساس غير متساوٍ. ومن النتائج الأخرى التي كشف عنها استطلاع الرأي وجود 83% من المستجوبين يعتبرون أن الولايات المتحدة "لا تهتم برأي العالم"، و65% منهم ينظرون إلى الأميركيين كـ"أجلاف"، فضلاً عن وجود 84% قالوا إن الأميركيين "منشغلون بجمع المال"، وأخيراً 90% اعتبروا أن الولايات المتحدة خاضعة لسيطرة "الشركات الكبرى". آلان كويل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "نيويورك تايمز" في لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"