أظهرت النتائج غير الرسمية أن قائمة المرشحين المتحالفين مع الرئيس "إيفو موراليس" فشلت يوم الأحد الماضي في السيطرة على البرلمان؛ في حين اختار الناخبون في أربعة من أقاليم بوليفيا التسعة الحكم الذاتي، وهو ما يشكل ضربة مزدوجة غير مسبوقة لمحاولة "موراليس" تعزيز السلطة. وأظهرت التقديرات الأولى أن "موراليس" وحزبه "الحركة نحو الاشتراكية" فاز على الأحزاب الأخرى في انتخابات الجمعية الوطنية الجديدة، التي تتكون من 255 نائباً، والتي ستناط بها مهمة إعادة صياغة دستور البلاد. غير أن النتائج الأولية أشارت إلى أن حزب "موراليس" لم يحشد سوى نحو نصف مقاعد الجمعية، أي دون ثلثي عدد المقاعد اللازمة للسيطرة على المجلس، ودون نسبة 70 في المئة التي توقع موراليس الفوز بها. فيما توزعت المقاعد المتبقية على أحزاب أخرى، وذلك حسبما أفادت به النتائج الأولية. وكان موراليس، "اليساري" الذي انتخب رئيساً لبوليفيا في ديسمبر الماضي، ناشد الناخبين أن يرفضوا خيار الحكم الذاتي، الذي وصفه بمنتوج "مجموعات أولجاركية" في إقليم "سانتا كروز" الشرقي الذي ينعم بازدهار نسبي مقارنة مع بقية مناطق البلاد، والذي يعد معقلاً للمعارضة. وبدا أن الناخبين قد عملوا بنصيحة "موراليس" ورفضوا الحكم الذاتي في خمسة أقاليم، من بينها العاصمة لاباز وجل المناطق الجبلية، التي تمثل معقل أنصار "موراليس" نفسه. غير أن العد غير الرسمي أشار إلى أن نحو 80 في المئة من الناخبين في "سانتا كروز" صوتوا للحكم الذاتي، وهو ما مثل في جزء كبير منه ردة فعل قوية على أجندة "موراليس" القائمة على تعزيز السلطات الممنوحة للسكان الأصليين، والإصلاح الزراعي، وتأميم الثروات الطبيعية. والواقع أن أشياء كثيرة مهددة اقتصادياً في النقاش المحتدم حول الحكم الذاتي، ذلك أن نحو 90 في المئة من احتياطيات البلاد من الغاز الطبيعي توجد بالأقاليم الأربعة التي ترغب في الحصول على استقلالية أكبر. ومما يُذكر في هذا السياق أن بوليفيا تتوفر على ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في أميركا اللاتينية بعد فنزويلا. وقد قام "موراليس" بتأميم قطاعي الغاز والنفط في الأول من مايو بهدف النهوض بعائدات النفط في بوليفيا التي تعد أفقر دولة في أميركا الجنوبية. وعقب الإعلان عن النتائج الأولية، خرج سكان "سانتا كروز"، الذين يعرفون باسم "كروسينيوس"، إلى الشوارع للاحتفال حاملين الأعلام البوليفية وهاتفين "الحكم الذاتي! الحكم الذاتي!". وقد شهدت ثلاثة أقاليم أخرى -هي بيني وباندو وتارجا- احتفالات مماثلة، حيث أظهرت النتائج الأولية تقدم مقترح الحكم الذاتي. وقد ألقت هذه الانتخابات الضوء على انقسامات كبيرة بين المناطق الجبلية وما يعرف بـ"نصف القمر" الذي يضم الأقاليم الواقعة إلى شرق البلاد وشمالها وجنوبها، حيث العديد من السكان مستاءون هناك من حكم "موراليس". والواقع أن أجندة الرئيس القائمة على نقل السلطة إلى المجموعات السكانية الأصلية في البلاد تسببت في ردة فعل قوية في الأقاليم التي تضم سكاناً من عرقيات مختلطة. وقد عبر الناخبون المناوئون للحكم الذاتي في "لاباز" عن مخاوفهم من أن تظل عائدات الغاز الطبيعي في الشرق في حال تم اعتماد إجراء الحكم الذاتي. وفي هذا الإطار، يقول "باس كاتاكورا"، وهو سائق شاحنة في الثامنة والخمسين من عمره والعضو في حزب موراليس: "إننا لا نريد الحكم الذاتي لأنه سيتسبب في تقسيم البلاد"، مضيفاً "ينبغي أن يتم اقتسام ثروات البلاد". غير أن معارضي "موراليس" دافعوا عن الحكم الذاتي باعتباره وسيلة لكبح جماح طموحات الرئيس إلى تعزيز السلطة وتنفيذ رؤيته الاشتراكية في البلاد. وفي هذا السياق، يقول الخبير في الاقتصاد "غونزالو بيلباو"، الذي صوت ضد موراليس: "إن إيفو موراليس وسياساته الأصولية يتسببان في تقسيم البلاد"، مضيفاً: "لقد كان الهنود ضحية التمييز في ما مضى. أما اليوم، فإن ذوي البشرة الأقل دكنة هم الذين أضحوا يتعرضون للتمييز". وتقضي حركة الحكم الذاتي بمنح المناطق استقلالاً مالياً وسياسياً أكبر في بلد ظلت فيه السلطة لوقت طويل متركزة في العاصمة لاباز. ولكن عملياً، يرى الخبراء أنه ما زال من غير المعروف كيف سيتم تطبيق الحكم الذاتي. هذا ومن المرتقب أن تلتئم الجمعية الجديدة في السادس من أغسطس لبدء المداولات حول إعادة تحرير دستور جديد للبلاد. ومن المنتظر أن تتصدر مسألةُ الحكم الذاتي أجندة الجمعية، إضافة إلى مقترح يروم تغيير الكونغرس الحالي بآخر أكثر تمثيلاً للشعب. باتريك جي. ماكدونيل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "لوس أنجلوس تايمز" في العاصمة البوليفية لاباز ينشر بترتيب خاص مع "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"