وسط حديث إعلامي هو أشبه ما يكون بالتهريج الذي يحاول إثارة الخوف والرهبة من صعود "المحاكم الإسلامية" في الصومال، ويقارنه بما حدث على عهد حركة "طالبان" في أفغانستان، متوقعاً نتائج مدمرة على غرار ما انتهت إليه الحالة الأخيرة، كتب الدكتور وحيد عبدالمجيد مقاله "المحاكم بين شبح طالبان وفرص التسوية"، وقد نشر يوم الخميس الماضي على هذه الصفحات، ليظهر المبالغات الزائدة التي انطوت عليها تصريحات إعلامية وسياسية كثيرة حول الموضوع الصومالي. يقول الدكتور وحيد إن أخطر ما في تلك المبالغة كونها قد تصبح مثل "النبوءة المحققة لذاتها"، أي أن "الإفراط في المشابهة بين ميليشيا "طالبان" وميليشيا "المحاكم الإسلامية" قد يقف حائلاً أمام دور عربي تشتد حاجة الصومال إليه الآن أكثر من أي وقت مضى. وربما يتوقف مصير الصومال لسنوات طويلة قادمة على فاعلية هذا الدور، في تحقيق مصالحة وطنية تبدو ممكنة الآن بعد أن ظلت مستحيلة منذ سقوط نظام سياد بري". نعم إن إجهاض الوساطة العربية قد يكون أحد أهداف المبالغات الرائجة حول مسألة "المحاكم الشرعية"، فيما تتعقد الأمور وتزداد حدة على الأرض بين الأطراف الصومالية، ويتسع المجال أمام تدخل القوى الخارجية غير العربية. فهل تدرك الحكومات العربية خطورة الوضع الراهن في الصومال، وتتحرك بوعي ومسؤولية، وانطلاقا من قرار عربي مستقل، لإنقاذ هذا البلد الذي ناله من الدمار والدماء ما يكفي ويزيد؟! ياسر أسامة- الخرطوم