أكد البنك الدولي في تقريره الأخير المتعلّق بالتطور والازدهار الاقتصادي لعام 2005، أن الخطط التي تتبعها دولة الإمارات العربية المتحدة لتنويع مصادر الدخل القومي فيها قد أثبتت نجاحها، حيث أدى الانفتاح على التجارة ووجود تسهيلات تجارية وبيئة مواتية للأعمال في الإمارات إلى تقوية تنوّع التجارة غير النفطية، وذلك من خلال تشجيع التجارة والخدمات المرتبطة بها، وقد عززت الإصلاحات الهيكلية التي تمّت في السنوات القليلة الماضية وسياسات السوق المفتوح، من التوسّع المطّرد في الاقتصاد غير النفطي وإيجاد نظام تجاري متكامل، حيث بلغت حصة الصادرات غير النفطية 37% من إجمالي الناتج المحلي، وهي بذلك تتفوّق على الصادرات النفطية من حيث نسبتها إلى إجمالي الصادرات. فرغم الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال السنوات الثلاث الماضية، لم تتجاوز مساهمة القطاع النفطي من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات 27%، فيما بلغت مساهمة القطاعات غير النفطية 73%. بل إن القطاعات الاقتصادية غير النفطية في الدولة ظلّت تلعب دوراً مهماّ في الدورة الاقتصادية في ظل التنامي الإيجابي المتزايد في هذه القطاعات، وما يدعو للتفاؤل أن هدف التنوّع الاقتصادي يسير في مساره الصحيح ويؤكد نجاح السياسة الاقتصادية للدولة. لقد سعت الإمارات لتحقيق هذا التنويع في العديد من المجالات منها النقل الجوي والبحري والسياحة والمال والاتصالات، فيما ازداد سعيها للاندماج من خلال توقيع عدد من اتفاقيات الاستثمار والتجارة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، حتى بلغ مجموع الاتفاقيات الثنائية التي وقّعتها الإمارات مع أغلب دول العالم نحو 210 اتفاقيات بنهاية العام الماضي، حققت من خلالها مكاسب اقتصادية وتجارية مهمّة، كما قامت الإمارات بتأسيس مناطق للتجارة الحرة تتاح فيها فرصة الملكية الكاملة للشركات الأجنبية. رغم كل ذلك، فإن هناك تحدّيات خارجية وأخرى داخلية كبيرة تفرض ضرورة تسريع عملية تنويع مصادر الدخل والقاعدة الاقتصادية على أساس متوازن يتناسب مع ظروف وإمكانات كل مرحلة، وبما يضمن تأمين معدل نمو اقتصادي متوازن وقادر على الاستمرار بجهوده الذاتية بعيداً عن تأثيرات عوائد النفط المتقلّبة أو تقلّبات أسواق الأسهم أو العقارات. وإذا كانت هناك قطاعات محدّدة هي التي تحرّك النمو الاقتصادي في الدولة حالياً، فلابدّ من القيام بإصلاحات اقتصادية حقيقية وإجراء تغييرات جذرية في هيكل البنية الاقتصادية بما يضمن ديمومة هذا النمو وبما يرفع من القدرة التنافسية للمنشآت المحلية في الأسواق العالمية. إلا أن هذا التوجّه يفرض على الإمارات الاهتمام بقطاعات استراتيجية ذات أبعاد خارجية تتجاوز حدود السوق المحلية الضّيقة نسبياً، وتوسيع قاعدة الإنتاج وتنويعها وزيادة كفاءتها بصورة مستمرة تواكب متطلّبات المرحلة، وإعادة هيكلة اقتصادها بالطريقة التي تضمن مكاناً مناسباً في الخريطة الجديدة للاقتصاد العالمي. فلا مفرّ إذاً من ركوب موجة الإصلاح الاقتصادي بأسرع وأعمق مما يتم حالياً، والتحوّل من القطاع العام إلى القطاع الخاص، والاتجاه من اقتصاد مغلق إلى اقتصاد مفتوح، والتخلّص من اقتصاد مرتهن بالنفط إلى حدّ كبير إلى اقتصاد أكثر تنوّعاً وديناميكية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.