أعلن الرئيس الصيني هو جينتاو يوم الجمعة الماضي بأن مفهومه السياسي الجديد القاضي بالحفاظ على "الطبيعة المتقدمة" للحزب الشيوعي تعتبر مفتاح بقائه في السلطة واستمراره في إدارة شؤون البلاد، بينما حذر في الوقت نفسه من خطر الفساد الذي يهدد بإضعاف قبضته على الحكم. وقد جاءت تصريحات الرئيس الصيني الذي يعد أيضا الأمين العام للحزب الشيوعي الحاكم ضمن خطاب وجهه إلى الأمة عبر شاشات التلفزيون عشية الاحتفال بالذكرى 58 لتأسيس الحزب الشيوعي. وكان الخطاب فرصة لعرض مفهومه الغامض والواسع الانتشار في الصين حول ما يسميه بـ"طبيعة التقدم" وتحويله إلى عقيدة رسمية للحزب الشيوعي يسير على هديها المسؤولون الصينيون في قيادة البلاد ورسم الخطوط العريضة للسياسة الصينية في السنوات المقبلة. وخلال شرحه للمفهوم أوضح الرئيس الصيني في خطابه بأن جوهر الفكر الماركسي يقوم على فكرة "التقدمية"، مضيفاً أن النجاحات التي حققتها الصين في شتى الميادين على يد الحزب الشيوعي منذ مقاومته المستميتة للغزو الياباني والإطاحة بالقوميين، ثم الوصول إلى السلطة في 1949، وما تلا ذلك من ازدهار اقتصادي خلال العقود الثلاثة الأخيرة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن فكرة "التقدمية" التي يرجع لها الفضل في تحقيق الصين لإنجازاتها الباهرة حسب وصف الرئيس الصيني. وشدد "هو جينتاو" في خطابه على ضرورة الحفاظ على مسيرة التقدم التي قطعها الحزب إلى حد الآن قائلاً: "إن التاريخ يثبت بأنه فقط عندما يتمكن الحزب من الحفاظ على طبيعته "المتقدمة" يستطيع الدفع قدماً بالمصالح المتبادلة للحزب والشعب على حد سواء، وتطوير القدرات الإنتاجية، وثقافة المجتمع المتقدمة، فضلاً عن مراعاة مصالح الغالبية العظمى للشعب الصيني". الرئيس "هو جينتاو" استخدم مفهومه الجديد حول "التقدمية" للحزب الشيوعي لحجب الخط السياسي لسلفه "جيانج زيمين" الذي حاول تكريس مفهوم "التمثيل الثلاثي" باعتبارها الأيديولوجية الصينية الرسمية التي لا يمكن الحياد عنها. غير أن الرئيس الحالي الذي خلف زيمين سنة 2002 وأزاحه من منصبه كقائد للقوات العسكرية سنة 2004 استبدل تلك الأيديولوجية بمفهومه الخاص حول "التقدمية". ويشار إلى أن أيديولوجية التمثيل الثلاثي تعني أن على الحزب الشيوعي تمثيل المصالح الثلاثة لقوى الإنتاج الرئيسية في المجتمع، والقوى الثقافية الفاعلية، فضلاً عن مصالح السواد الأعظم من المجتمع الصيني. ويبدو أن المفهوم الجديد الذي طرحه "هو جينتاو" بما ينطوي عليه من غموض وشمولية يهدف إلى إبقاء المجال واسعاً أمام الرئيس ومؤيديه لتحديد السياسات التي تصب في خانة "التقدمية"، وفي الوقت نفسه معاقبة المخالفين لها ممن يعتبرهم الرئيس غير قادرين على دعم سياسته. بيد أن الرئيس الذي عرض على الشعب مفهومه الجديد حول "التقدمية" أشار أيضاً إلى آفة الفساد التي تنخر أركان الحزب وتهدد بإضعافه. وقد كان الرئيس "هو جينتاو" واضحاً في هذا الصدد حيث قال "هناك حالات متواصلة من استغلال السلطة لأغراض خاصة من قبل مسؤولين كبار في الحزب الشيوعي تورطوا في عمليات الكسب غير المشروع والانحلال الأخلاقي". وقد ساهم كشف بعض قضايا الفساد مؤخراً في تسليط الضوء على مدى انتشار الرشاوى في دواليب الحزب الحاكم في الصين. ففي يوم الخميس الماضي أعلن مسؤولون صينيون تسريح أحد كبار الضباط في سلاح البحرية من منصبه بسبب تسلمه رشى، وهو ما يخرق قوانين الحزب الشيوعي في الصين. وفي حالة مشابهة تم اعتقال نائب حاكم محافظة "أنهوي الشرقية" بعد التحقيق معه في قضية رشى. كما أن "ليو زهيوا" نائب عمدة بكين، والمسؤول الصيني المشرف على تنظيم الألعاب الأولمبية سنة 2008 طرد من منصبه بعد اتهامه بالفساد والانحلال الأخلاقي. جوزيف خان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "نيويورك تايمز" في بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"