كشف استطلاع دولي جديد للرأي شمل أكثر من 14000 شخص في 12 دولة أن الغربيين والمسلمين عبر العالم يحملون آراء متباينة جداً حول أحداث العالم، وأن كل طرف يميل إلى اعتبار الآخر عنيفاً وغير متسامح ولا يحترم النساء. ففي ما اعتبره الاستطلاع واحدة من أكثر النتائج الملفتة للانتباه، قالت أغلبيات في مصر وإندونيسيا والأردن وتركيا –وهي دول مسلمة تربطها بالولايات المتحدة علاقات قوية- مثلاً إنها لا تعتقد أن عرباً كانوا وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة. وتلي هذه النتائج، التي تبرز تبايناً في وجهات النظر، عاماً آخر من العنف والتوتر حيث شهدت الأشهر الاثنا عشر الأخيرة وقوع تفجيرات إرهابية في لندن، واندلاع أعمال شغب في فرنسا من قبل الشباب العاطل عن العمل، معظمهم من المسلمين، وغضباً عارماً بسبب الرسوم الكاريكاتورية الدانمركية المسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، والحرب في العراق. وحسب مركز "بيو"، فإن كل هذه العوامل مجتمعة دفعت الأغلبيات في الولايات المتحدة ودول في أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط إلى وصف العلاقات بين المسلمين والبلدان الغربية بالسيئة عموماً. وفي هذا الإطار، حمَّل المسلمون المستجوَبون بصفة عامة، ومنهم الجاليات الإسلامية الكبيرة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا، الغرب مسؤولية تدهور العلاقات، في حين مال الغربيون إلى إلقاء اللوم على المسلمين. ووصف المسلمون في الشرق الأوسط وآسيا الغربيين بـ"منعدمي الأخلاق والأنانيين"، في حين اعتبر الغربيون المسلمين متعصبين. اللافت أن النتائج لم تكن موحدة وأسفرت عن بعض المفاجآت، حيث تراجع تأييد الإرهاب في بعض البلدان الإسلامية التي شملها الاستطلاع، إذ انخفض بشكل كبير في الأردن حيث قتلت تفجيرات إرهابية أزيد من 50 شخصاً في عمّان خلال نوفمبر الماضي. كما أعرب ثلثا الفرنسيين المستجوبين عن آراء إيجابية حول المسلمين، وعبرت أغلبيات كبيرة من المسلمين الفرنسيين عن آراء إيجابية حول المسيحيين واليهود. وقد كان المسلمون المستجوَبون في أوروبا أقل ميولاً إلى رؤية "صراع حضارات" مقارنة مع الجمهور العام في أوروبا والمسلمين في أماكن أخرى من العالم. إلى ذلك، وجد مركز "بيو" تفاوتاً كبيراً بخصوص موضوع المرأة، حيث يرى الغربيون أن المسلمين لا يحترمون النساء، في حين يقول المسلمون خارج أوروبا الأمر نفسه عن الغربيين. وفي هذا السياق، ترى أغلبيات كبرى في الغرب، حيث يصف العديد من الناس العادات الإسلامية مثل الحجاب الإجباري للنساء ومنعهن من العمل خارج البيت أو سياقة السيارة بالتمييزية، وأن المسلمين لا يحترمون المرأة. وبالمقابل، قال أقل من نصف المسلمين الذين تم استجوابهم في مصر وإندونيسيا والأردن ونيجيريا وباكستان وتركيا إنهم يربطون الغربيين باحترام المرأة. أما المسلمون الأوروبيون المستجوبون، فقد كانوا أكثر جنوحاً إلى اعتبار الغربيين أشخاصاً يحترمون المرأة. وأعلن مركز "بيو"، الذي استطلع آراء المسلمين في أوروبا باعتبارهم مجموعة لأول مرة هذا العام، أن آراءهم تمثل "جسراً" بين الآراء المتباينة بشكل كبير لكل من الأوروبيين الآخرين والمسلمين في آسيا والشرق الأوسط. وقال "أندرو كوهوت"، مدير "مركز بيو للأبحاث" إن النتائج العامة تظهر أنه "بالرغم من أن العلاقات ليست على ما يرام، فإنه لم يكن ثمة ارتفاع في العداء بين المجموعتين خلال السنة الماضية". والحال أن الأغلبيات أعربت في كل بلد شمله الاستطلاع، باستثناء باكستان، عن تشاؤمها حيال العلاقات الإسلامية- الغربية، ولاسيما في ألمانيا التي اعتبرت الوضع سيئاً بنسبة (70 في المئة)، متبوعة بفرنسا (66 في المئة)، وتركيا (64 في المئة)، وأسبانيا وبريطانيا (61 في المئة)، ومصر (58) في المئة. يذكر أن مركز "بيو" استطلع آراء 14030 شخصاً خلال الفترة الممتدة من الحادي والثلاثين من مارس إلى الرابع عشر من مايو الماضي في كل من بريطانيا ومصر وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا والأردن ونيجيريا وباكستان وروسيا وأسبانيا وتركيا والولايات المتحدة. أما هامش الخطأ، فقد حدد في أقل أو ناقص نقطتين إلى أربع نقاط في المئة، باستثناء بريطانيا وألمانيا حيث حدد في ستة. يذكر أيضاً أن محاورة المستجوبين تمت بشكل مباشر، باستثناء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا حيث تمت محاورتهم عبر الهاتف. وقد تم إنجاز استطلاع الرأي على صعيد وطني في البلدان التي شملها، باستثناء الهند وباكستان حيث اقتصر على المناطق الحضرية تقريباً. وفي تعليقهم على نتائج استطلاع الرأي هذا، عزا المسلمون في الدول التي شملها الاستطلاع تدهور العلاقات مع الغرب إلى مجموعة من الأسباب، غير أن العديد منهم أشار إلى الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين باعتباره السبب الرئيسي، متهماً الغرب باعتماد ازدواجية المعايير في موضوع الإرهاب. وقد طلب مركز "بيو" من المستجوبين إبداء آرائهم حول المسيحيين والمسلمين واليهود، ووجد أن مشاعر معاداة اليهود "غالبة" في البلدان الإسلامية التي شملها الاستطلاع، حيث وصلت إلى 98 في المئة في الأردن، و97 في المئة في مصر. وأعلن مركز "بيو" أن الأغلبيات في العالم الإسلامي أعربت أيضاً عن اعتقادها بأن انتصار حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الانتخابات الفلسطينية في يناير المنصرم "سيساهم في التوصل إلى تسوية عادلة بين إسرائيل والفلسطينيين"، وهو رأي اختلف معه بشدة الجمهور غير المسلم. ميغ بورتن ـــــــــــ مراسلة "نيويورك تايمز" في باريس ـــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"