كشف تقرير الثروة العالمية الذي أصدرته "ميريل لينش" و"مؤسسة كابجيميناي"، مؤخراً، عن أن أعداد الأثرياء من أصحاب المليون دولار وما فوق في دولة الإمارات بلغ بنهاية العام الماضي نحو 59 ألف مليونير، مقابل 52 مليونير تقريباً عام 2004، أي بزيادة 13.5%، أو ما يعادل سبعة آلاف مليونير تقريباً خلال عام واحد. وبذلك تحتل دولة الإمارات المركز الثاني في منطقة الشرق الأوسط من حيث عدد المليونيرات وحجم الثروات، إلا أن احتساب عدد المليونيرات كنسبة مئوية من السكان، يضع الإمارات في المرتبة الأولى وبفارق كبير. وبحسب التقرير نفسه أسهمت العديد من العوامل في حفز نمو أصحاب الثروات في دولة الإمارات، ومن أهم هذه العوامل النمو الاقتصادي القوي الذي بلغ 6.7% العام الماضي، إضافة إلى انتعاش أداء قطاع النفط والتوسّع السكاني الذي ساعد على تعزيز قوة نمو الإنتاجية، كما أن ارتفاع الطلب في أسواق العقارات المحلية أسهم بدوره في دفع عجلة النمو ليزداد أصحاب الملايين في الدولة وينمو عددهم بمعدل هو الأعلى في تاريخ دولة الإمارات. مع محافظة أسعار النفط على مستوياتها والطفرة الاقتصادية الشاملة التي يتوقع أن تشهدها الدولة، خلال المرحلة المقبلة، فإن هذا سيكون له أكبر الأثر في إيجاد بيئة عمل نشطة، ما يعاني مزيداً من الثروات الخاصة. فهؤلاء الأثرياء إذا قدّر لهم أن يعملوا في دول أخرى لاستقطعت حكومات هذه الدول شطراً كبيراً من ثرواتهم في شكل ضرائب، بمسمياتها المختلفة، وهذه ليست دعوة لفرض ضرائب على الدخل، وإنما مطالبة لأن يعي أصحاب الأموال مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية تجاه مجتمعهم ووطنهم الذي يقدّم لهم الكثير، حيث إن المستويات العالية من الأرباح التي تحققها أعمالهم ومؤسساتهم لم تكن بسبب زيادة في كفاءتها، بقدر ما هي تحسّن بيئة العمل الاقتصادي والاستثماري والتجاري، حيث يعود الفضل في ذلك للدولة، في المقام الأول. وهكذا يستفيد رجال الأعمال من عوامل خارجية في تعظيم أرباحهم وزيادة ثرواتهم والبلوغ بها هذه المستويات القياسية، دون أن يكون لهم دور واضح ومؤثر في خدمة أهداف المجتمع، الذي لا يزال يتطلب الكثير في كل المجالات، رغم جهود الدولة. إن دور الأثرياء في تنمية المجتمع لا يزال متوقفاً عند جهود فردية محدودة ومبعثرة، ما يثير تساؤلات عدة حول هذا القصور، في وقت بدأت فيه الدولة تنسحب تدريجياً من قطاعات رئيسة تخدم المجتمع إثر برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي الذي بدأت عجلته تدور ببطء، ما يتطلّب من الأثرياء ورجال الأعمال الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التي تفرضها عليهم هذه الظروف والمتغيّرات التي يحققون من خلالها مكاسب كثيرة. النماذج الفردية لرجال الأعمال الذين أدركوا أهمية الدور الاجتماعي حاولت إضفاء قدر من المؤسسية على أعمالها في خدمة المجتمع، ممارسة مسؤولياتها الاجتماعية بشكل أكثر تنظيماً وبفاعلية أكبر، إلا أن هناك العديد من المعوّقات تجعل من الصعب إيجاد رؤية مشتركة، حيث تنضم إلى نادي الأثرياء سنوياً شريحة جديدة غير متجانسة من رجال الأعمال الجدد، يختلفون على الصعيد الفكري ومجالات النشاط وحجمه، كما أن هناك تبايناً واضحاً في المواقف من قضايا المجتمع. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.