حمل مقال الدكتور أحمد البغدادي الذي نشر هنا يوم الثلاثاء الماضي تحت عنوان: "أهل المغنى"، إشادة بطرب الزمن الجميل ممثلاً في سيدة الغناء العربي أم كلثوم وفطاحل الطرب الأصيل مثل محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ. وضمن تعقيبي على هذا المقال أريد أن أقول إن المستمع العربي الذواق للفن يفتقد الآن مثل تلك الأصوات الحلوة، حيث تخلو الموجة الغنائية المقدمة إليه هذه الأيام من أصوات بحجم هؤلاء العباقرة. فمعظم "المغنواتية" و"المونولوجيست"، ومؤدي "الطقاطيق" في سماء الفن العربي اليوم لا يرقون إلى مستوى طرب "أيام زمان". فقد طغى الرقص السخيف، وأداء الحركات الأكروباتية الرياضية، على الغناء الراقي، فبعض الفنانين –هداهم الله- ما أن يقف الواحد منهم على المسرح حتى يبادر بالقفز، يميناً ويساراً، ويرقص على إيقاع مجلجل لآلات ميكانيكية- كهربائية ممهورة بأسماء شركات صناعتها بالحروف الأجنبية، وبسرعة، لكي يزيد الواحد منهم القاعة صخباً و"زعيقاً"، يصرخ في جمهور الحفل: "هيا نغنيِّ مع بعض"، فينخرط الجمهور في الغناء، ويختلط الحابل بالنابل، ويزداد الهرج والمرج، وتتدافع الأبدان والأيدي دون انتظام. أما الطرب الهادئ الجميل والأصوات الشجية، فقلما نسمعهما هذه الأيام. ولا عذر طبعاً لجيل فناني اليوم، خاصة أن الفضائيات وتقنية الفيديو كليبات، وثورة السمعيات البصرية عموماً، كلها كان يمكن أن تفيد هذا الجيل، وتجعله يتجاوز الأجيال السابقة التي حققت كل تلك المكاسب فقط بالإذاعة المسموعة، والتلفزة غير الملونة في الغالب الأعم. أميرة عبدالمحسن - القاهرة