منذ فترة طويلة، لم يعد لتوماس فريدمان من قضية يتبناها بحماس تجاوز كل الحدود، إلا قضية الاستغناء الأميركي عن استيراد النفط العربي، إذ سيحقق ذلك، حسب رأي فريدمان، إضعافاً لهذه الدول وحكوماتها، ويمكن واشنطن من التدخل المباشر لإعادة تشكيل المنطقة على أسس جديدة! هذه الأمنية العزيزة على قلب فريدمان، هي أهم ما يلح الآن على فكره، حتى أنه لم يستطع أن يقرأ خارجها مسألة انشاء حزب أميركي ثالث ذي توجه بيئي، كما في مقاله "الحزب الأميركي الأخضر!" والمنشور يوم أمس السبت على هذه الصفحة. يقول فريدمان إن "ظهور حزب ثالث في أميركا ارتبط تاريخا بتبني جماعة ما لقضية مهمشة... وهناك اليوم ما يشير إلى إمكانية بروز حزب ثالث كهذا"، لكن هذا الحزب الذي لا يتوقع له فريدمان أي نجاح، قد يضطلع بدور مهم إذا ما عمل كأداة للضغط على الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، لدفعهما إلى تبني سياسات جديدة في مجال الطاقة، ولتخصيص ما يكفي من مال في مجال الطاقة البديلة وتطوير تقنياتها، بهدف الانتقال سريعاً نحو عصر ما بعد الوقود الأحفوري! بطبيعة الحال لم يلحظ فريدمان أن الحرب الأميركية التي تريق يوميا دماء المواطنين العرب في العراق، هي مما ينبغي لحزب ثالث أن يطالب بوقفه، وإنما قضيته الأساسية هي إيجاد بدائل عن النفط العربي تجعله سلعة كاسدةً وعديمة الأهمية! جعفر كريم- دبي