"قاموس دبلوماسي" لأزمة إيران... و"الكرة" ممنوعة في "صومالستان"! ما العمل مع حركة "حماس"؟ وكيف أنتجت الأزمة النووية الإيرانية قاموساً دبلوماسياً دولياً جديداً؟ وبأية طريقة أخفقت استراتيجية واشنطن في الصومال، في حين نجحت في "صوملة" مناطق أخرى؟ ثلاثة أسئلة نضعها تحت دائرة الضوء في جولة سريعة في الصحافة الفرنسية. إنقاذ ماء وجه "حماس" و"وثيقة الأسرى": الكاتب الصحفي الفرنسي الشهير ألكسندر أدلر عنون مقاله الأسبوعي في صحيفة لوفيغارو: "ما العمل مع حماس؟"، مشيراً في بدايته إلى أنه على عكس اتجاه مشاعره وعواطفه الشخصية سيدعو للعمل على الإبقاء على حكومة "حماس" في الأراضي الفلسطينية، على الأقل في الظرف الراهن، وذلك حتى لا تترتب على عملية سحب البساط من تحت أقدام حركات الإسلام السياسي كـ"حماس" أضرار جانبية كبيرة. فاقتراح الرئيس محمود عباس بإجراء استفتاء على "وثيقة الأسرى" التي هي في الحقيقة وثيقة معبرة أساساً عن أطروحات مروان البرغوثي المعتقل لدى الإسرائيليين، يمكن أن يوفر مخرجاً فيما يخص مسألة "الاعتراف" بحق "دولة إسرائيل" في الوجود. كما أنها تضمن في الوقت نفسه قيام دولة فلسطينية في حدود 1967. ومع أن كلاً من "حماس" وحكومة أولمرت رفضت مبدئياً هذه الوثيقة، إلا أن المناورات المبدئية ليست هي كل شيء عادة في مثل هذه الأحوال. وإذا وضعنا في الحساب أن نتيجة الاستفتاء قد توفر على "حماس" نصف المسافة في طريق الاعتراف بإسرائيل، فإنها تغدو مرشحة للاستفادة منها سياسياً، في مقابل حركة "الجهاد" وبعض الأجنحة الأخرى الأكثر تشدداً والأكثر تعويلاً على الدعم الإيراني –يقول الكاتب- ممن يتوقع أن يكونوا أكثر تضرراً من تمرير الشعب الفلسطيني لوثيقة ترسم له جزءاً من "خريطة طريقه" نحو إقرار السلام النهائي. ويبقى أن تجنح إسرائيل لتغيير موقفها من رفض التفاوض، حتى لو كانت ما تزال محتفظة باعتقادها بعدم وجود شريك جدير بالثقة على الطرف الآخر. أما قبول "حماس" لمضمون الوثيقة فمسألة وقت، لأن هزيمة موقفها في الاستفتاء ستفرض عليها التسليم بنتائجه، مدفوعة باستفادتها هي موضوعياً مما سيؤدي إليه إجمالاً، ولا بأس -يقول أدلر- من إنقاذ ماء وجه "حماس" الآن بالتخفيف من حدة معاناة الفلسطينيين اقتصادياً، لعزل موقف "حماس" عن موقف التيار الإيراني، خاصة إذا كان تصعيد المواجهة مع هذا التيار بات شبه مؤكد. وفي صحيفة ليبراسيون انتهز الكاتب "تيو كلين" فرصة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لباريس هذا الأسبوع فكتب مقالاً بعنوان: "عزيزي إيهود أولمرت"، طالبه فيه بفتح قناة حوار مباشرة مع الفلسطينيين، لأنه لا سبيل آخر لإيجاد حل دائم وعادل بين الطرفين. ويذكِّر الكاتب أولمرت بكونه محامياً، وبضرورة أن تكون لديه حساسية مرهفة وقدرة خاصة على تلقي مضمون "وثيقة الأسرى" الفلسطينيين التي تكشف بوضوح عن أن الفلسطينيين يمتلكون مقاربة واضحة ومتكاملة الرؤية لإقرار سلام دائم، قائم على حل الدولتين. كما أن الطريقة التي سيتم بها حل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ينبغي أن تكون هي أيضاً محل تفكير عميق. فإذا كان الحل مفروضاً وبمنطق القوة فإن الاشتباك المستقبلي بين الطرفين الجارين سيبقى دائماً اشتباكاً سلبياً. أما إن كان حلاً يرضي الطرفين، فسيكون المستقبل واعداً والاشتباك إيجابياً. وفي صحيفة لومانيتيه كتب بيير باربانسي مقالاً انتقد فيه مواقف الرئيس جاك شيراك من صراع الشرق الأوسط، معتبراً أنه ينقصها الثبات على مبدأ أو امتلاك تصور مفيد يسمح لفرنسا وأوروبا بلعب دور إيجابي في حل هذا الصراع المزمن. "الأربعة... ومسميات أخرى": تحت هذا العنوان كتب "برنار غيتا" مقالاً طريفاً في مجلة الإكسبريس، خصصه لما سماه "القاموس الدبلوماسي" للأزمة النووية الإيرانية، حيث إن تجاذبات هذه القضية ما انفكت تفرز مع إشراقة كل شمس جديدة مسميات ومصطلحات دبلوماسية أصبح حتى الجمهور العريض مضطراً للتعايش معها في حياته اليومية. ففي البداية ظهر مصطلح "يو- 3" للإشارة إلى الدول الأوروبية الثلاث المشتبكة مع الملف النووي الإيراني وهي فرنسا وألمانيا وبريطانيا. ثم تلاه مصطلح "5-1" للإشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية وألمانيا بعد أن تشكل هذا التجمع لمعالجة الأزمة في مرحلة لاحقة. والحقيقة -يقول الكاتب- أن المصطلحات السياسية لم تكن يوماً من الأيام محايدة. فخلفها يختفي غالباً توازن قوى أو موقف جيوبوليتيكي. وفي حالة مصطلحينا أعلاه نلاحظ أولاً مركزية الأزمة الإيرانية في الحياة السياسية الدولية خلال العام الماضي. ونلاحظ أيضاً مركزية مقابلة متمثلة في ألمانيا التي هي حاضرة فيهما معاً. لماذا؟ لأن وزن ألمانيا الاقتصادي والسياسي المتعاظم جعلها مؤهلة للعب دور قائد في الاتحاد الأوروبي بدون منازع. ويبقى أخيراً مصطلح "الأربعة" الكبار للإشارة إلى روسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويتساءل "غيتا": ألم يحن الوقت لكي نعتاد أيضاً على هذه العبارة؟ تطورات الحالة في الصومال: في صحيفة لوفيغارو كتب أندريه غلوكسمان مقالاً تحليلياً تحدث فيه عن "مشروع الصوملة" الذي تتخبط فيه الإدارة الأميركية، ليس في العراق فقط بل على صعيد عالمي، مقارناً بين مظاهر هذه الصوملة عبر العالم خلال شهرنا هذا، سواء في ذلك تيمور الشرقية ونزاعها المسلح الداخلي، أو أفغانستان التي عاودها عنف "طالبان"، أم العراق الذي تختلط فيه الإنجازات الرمزية الصاخبة مع بقاء الإخفاقات الذريعة الصاخبة أيضاً على حالها، هذا وصولاً إلى الحالة الصومالية نفسها وما انتهت إليه حتى الآن من سقوط للمشروع الأميركي ممثلاً في المراهنة على أمراء الحرب. وفي سياق متصل في مجلة لونوفل أوبسرفاتور كتب رينيه باكمان مقالاً بعنوان: "إرهابستان أفريقية"، تحدث فيه عن علامات التطرف والتشدد المبكرة التي أرسلتها ميليشيا "المحاكم الإسلامية" المسيطرة على العاصمة الصومالية مقديشو منذ عشرة أيام، فقد بادرت إلى إغلاق محلات الفيديو والتلفزيون ودور السينما التي تعرض مباريات كرة القدم في مونديال ألمانيا الجاري الآن. وقد اعتبر عبدالقادر علي عمر نائب رئيس ميليشيا "المحاكم" أن "كرة القدم فرجة تغريبية تفسد الأطفال"، ولذا يجب منعها. ويذهب باكمان إلى أن حركة "طالبان" الأفغانية ذاتها لم تصل درجة التزمت لديها حد منع كرة القدم. أما إلى أين يسير الصومال؟ فهذا السؤال لا أحد يتشجع الآن على تقديم إجابة له. وفي هذه الأثناء تنشغل المجموعة الدولية بعقد مجموعات الاتصال المنفصلة عن الواقع الجاري على الأرض، في حين تقدم الإدارة الأميركية رجلاً وتؤخر أخرى قبل التدخل بعد هزيمة حلفائها من زعماء الحرب، وفي مواجهة "المحاكم" التي وإن كانت ترسل رسائل باستعدادها للتعاون إلا أنها مصنفة مسبقاً في خانة خصوم واشنطن. إعداد: حسن ولد المختار