في مقاله "هل يملك الديمقراطيون استراتيجية للأمن القومي"، والمنشور هنا على هذه الصفحات يوم أمس السبت 10 يونيو 2006، وجه توماس فريدمان نقدا عنيفا إلى الحزب الديمقراطي الأميركي، متهماً إياه بتقديم خطاب متهافت ومتناقض حول ما يجب فعله لحماية الأمن القومي الأميركي. إلا أن فريدمان ذهب بعيداً عن الموضوع الرئيسي لمقاله، وأخذته شهية الحديث عن الخطر الإسلامي كتهديد لـ"الحضارة العالمية"، إذ "الحقيقة الراسخة، هي أن المجتمعات المتحضرة باتت مهددة الآن من قبل الجهاديين المتشددين". ولعل الحقيقة الراسخة بحق، هي أن الجماعات المتشددة تمثل التهديد ذاته للمجتمعات الغربية والمجتمعات الإسلامية معاً، بل ربما فاق تهديدها للأخيرة ما تمثله من خطر على الغرب. بطبيعة الحال لا يريد فريدمان أن يقر بالشراكة بيننا وبين الغرب في حربه على الإرهاب، بل ربما عبر عن فريق واسع من اليمين المتشدد لا يرى إلا تشدد الآخرين ويحاول الدفع نحو توسبع الحرب العالمية على الإرهاب حتى تكون حربا على الإسلام ذاته! ولم يكن تعبير "المجتمعات المتحضرة"، والذي استخدمه فريدمان في مقاله المذكور، تعبيراً بريئا بأي حال من الأحوال، بل يندرج في طروحات الفرز التي تقسم العالم إلى "متحضرين" ومتوحشين"! ولعلي لا أبالغ إن اعتبرت أن هذا التيار هو الأكثر خطرا على الغرب وعلى حضارته معاً، بسبب ذلك النهج الاستئصالي والذي أساسه الفرز. منتصر توفيق- العين