صفاء في سماء العلاقات الأميركية- الصينية... وبداية تلبد بين أوتاوا وواشنطن ---------------- العرض الأوروبي لإيران في إطار تفاعلات ملف طهران النووي، وبوادر تحسن العلاقات بين واشنطن وبكين، واتهامات أميركية لكندا بالتراخي في جهود محاربة الإرهاب... مواضيع بين أخرى نعرض لها في قراءة لمحتويات عدد من الصحف الدولية. العرض الأوروبي: في مقال نشر في عدد يوم الأربعاء من صحيفة "طهران تايمز"، علق حسن هاني زاده على العرض الأوروبي الأخير الذي حمله خافيير سولانا، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، إلى المسؤولين الإيرانيين يوم الثلاثاء الماضي، وهو عرض –يقول الكاتب- ضم عدداً من المحفزات الاقتصادية ولكنه لم يخلُ من تهديدات في الوقت نفسه، مضيفاً أنه إذا كان القصد من وراء تلك المحفزات حمل إيران على التخلي عما سماه "حقها في التكنولوجيا النووية السلمية"، فهي في تلك الحالة "عديمة القيمة" لأن من شأن ذلك "وضع إيران في حالة اعتماد دائم على المساعدات الاقتصادية الغربية"، وهو ما يتنافى في رأي الكاتب مع الثقافة الإيرانية. أما بخصوص الضمانات الأمنية، فيرى الكاتب أنه لا يمكن الاعتماد على الاتحاد الأوروبي لحماية إيران، لأنه أثبت عجزه عن ثني إسرائيل عن بناء "جدار الفصل العنصري" في فلسطين المحتلة، وبالتالي –يستنتج الكاتب- فهو لن يكون قادراً أيضاً على منع أية مغامرة إسرائيلية أو أميركية ضد إيران. ويوضح الكاتب أن هدف الإيرانيين هو "الاعتراف الدولي بحقوقهم النووية"، وهو أمر يمكن أن يتحقق في نظره عبر إعادة ملف إيران النووي إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهدف دراسته مرة أخرى في إطار قوانين الوكالة واتفاقية حظر الانتشار النووي والاعتراف بما سماه "حق إيران في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية". ويخلص كاتب المقال إلى أنه إذا كان الأوروبيون مهتمين حقاً بنزع فتيل الأزمة، فعليهم الدخول في "مفاوضات سلمية وجادة" مع طهران دون التلويح بأية تهديدات! العلاقات الصينية- الأميركية: خصصت صحيفة "تشاينا ديلي" افتتاحيتها لعددها يوم الخميس الماضي للتعليق على مظاهر صفاء سماء العلاقات الصينية الأميركية، مشيرة في هذا السياق إلى عدد من الخطوات المتبادلة التي اتخذتها واشنطن وبكين بهدف بناء الثقة، ومن ذلك أول زيارة للرئيس الصيني هوجينتاو إلى الولايات المتحدة، وتقرير وزارة الخزينة الأميركية الذي خلص إلى أن الصين لا تتلاعب بقيمة عملتها، ثم الدعوة التي وجهها الأميرال الأميركي ويليام فالون، قائد القوات الأميركية بالمحيط الهادي، إلى المسؤولين العسكريين الصينيين لحضور التمارين العسكرية التي يرتقب أن تقودها الولايات المتحدة في جزيرة غوام اليابانية منتصف الشهر الجاري. وهي خطوات تترجم –حسب رأي الصحيفة- حسن نوايا الجانبين وحرصهما على النهوض بعلاقاتهما الدبلوماسية. وآخر حلقة في سلسلة الخطوات هذه تحديد البنك المركزي الصيني لسعر الصرف الجديد بأقل من 8 يوان صيني للدولار الأميركي الواحد، وهو مستوى لم يصل إليه منذ عام 1994، وهذا أمر– تقول الصحيفة- يترجم رغبة الصين الأكيدة في النهوض بالعلاقات التجارية، وتقويم "الخلل الشامل" الذي يقول الرئيس جورج بوش إنه يصب في مصلحة الصين. غير أن الصحيفة أشارت إلى عامل آخر عزت إليه مسؤولية المساهمة في اختلال الميزان التجاري بين البلدين، ويتمثل في "العراقيل التي تضعها الإدارة الأميركية بهدف حماية التكنولوجيات المتقدمة والتقنيات العسكرية الحساسة من الوصول إلى الصين"، داعية إلى رفع تلك العراقيل من أجل "ردم الفجوة التجارية" بين البلدين. الصحيفة أشارت كذلك إلى موضوع آخر لا يقل أهمية ويلقي بظلاله على العلاقات الثنائية الصينية- الأميركية، ألا وهو موضوع تايوان، مشددة على تمسك بكين بالجزيرة ومرحبة بأية جهود أميركية تروم تحقيق الوحدة بينهما. "تأبيد الأسطورة": كان هذا هو العنوان الذي اختارته صحيفة "تورونتو ستار" لافتتاحياتها لعدد يوم الأربعاء والتي خصصتها لموضوع الانتقادات الأميركية الموجهة لكندا على خلفية ما تسميه بعض الأوساط الأميركية تراخياً كندياً على صعيد جهود محاربة الإرهاب، وهي انتقادات –تقول الصحيفة- من شأنها "تأبيد الأسطورة". وفي هذا السياق، تشير الصحيفة إلى تحامل بعض وسائل الإعلام الأميركية من قبيل قناة "فوكس نيوز" التي وصفت كندا بـ"بوابة الإرهابيين"، وقناة "سي إن إن" التي أضحت منتدى لمعلقين لا يتوانون عن وصف كندا بـ"الملجأ الآمن للإرهابيين"، على أن الانتقادات لم تقتصر على وسائل الإعلام –تتابع الصحيفة- بل امتدت لتشمل الساسة الأميركيين. وفي هذا الإطار، تشير الصحيفة إلى ما أعلنه العضو الجمهوري في الكونغرس بيتر كينغ، رئيس لجنة الأمن الداخلي التابعة لمجلس النواب، من أن تساهل قوانين الهجرة الكندية أدى إلى "وجود كبير لتنظيم القاعدة" في كندا. والحال أن تقديم كندا على أنها مصدر للخطر –تقول الصحيفة- ينقل صورة مشوهة عن جهود والتزام أوتاوا على صعيد محاربة الإرهاب واستئصاله، وخير دليل على جدية أوتاوا، كما تقول الصحيفة، هو اعتقال 17 رجلاً الأسبوع الماضي بتهم تتعلق بالإرهاب وفي إطار التدابير الأمنية الجديدة التي اتخذتها السلطات الكندية، وهو ما يترجم "استعداد كندا للدفاع عن قيمها ومؤسساتها وشعبها"، لتخلص إلى أن كندا لم ترتكب ما يستحق الاعتذار. "عدم إحياء الذكرى": نشرت صحيفة "جابان تايمز" في عددها ليوم الاثنين مقالاً للكاتب الصيني ماو جيان، الذي عاد مؤخراً إلى الصين بعد سنوات قضاها في المنفى، وفيه ينتقد القرار الذي أصدرته السلطات الصينية بحظر كل أشكال إحياء ذكرى مرور أربعين عاماً على الثورة الثقافية، وهي (السلطات الصينية) التي تعيب على اليابان إهمالها لمذبحة "نانجينغ" على اعتبار أن نسيان الماضي "خيانة للشعب". وفيما تشكل الثورة الثقافية خيانة لا زالت متواصلة إلى اليوم، كما يقول كاتب المقال، فإن كل المآسي والفظاعات التي أعقبتها -مثل مذبحة ساحة تيانانمين وقمع أتباع "فالون غونغ" واضطهاد نشطاء الحريات المدنيةر-ليست سوى نتيجة لما سماه "الخطيئة الأم"، في إشارة إلى الثورة الثقافية التي لم يتم تصحيح آثارها. والأدهى من ذلك –يقول الكاتب- هو أن "الممارسات التي ارتكبها "ماو" في حق الحضارة مازالت متواصلة إلى اليوم"، إذ مازال الحزب الشيوعي وفياً لطرقه القديمة المتمثلة في غسل الأدمغة، كما أن إرثه موضع احترام وإجلال رسميين. ومثال ذلك –يتابع الكاتب- أن صورة "ماو" ما تزال معلقة في ساحة تيانانمين، وصوره على الأوراق النقدية. ونتيجة لذلك يتعاطى الصينيون مع السياسة بـ"مزيج من الحذر والخوف"، فيما تحرص الشخصيات العمومية على تحاشي انتقاد الحزب، مؤثرة اللامبالاة سبيلاً للنجاة! إعداد: محمد وقيف