ستجري في الكويت يوم 29 يونيو القادم انتخابات تشريعية مهمة، ويأتي توقيت هذه الانتخابات في فترة حرجة بالنسبة للحكومة، لأنها تأتي بعد تفجر الخلاف الكبير بين أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) والحكومة حول تقسيم الدوائر الانتخابية.. فاللجنة الحكومية التي تشكلت قبل ستة أشهر لدراسة موضوع الدوائر الانتخابية اقترحت تقسيم الكويت إلى 5 دوائر بدلا عن 25 دائرة، كما هو معمول به سابقا، أي التقسيم الذي ثبت من التجربة العملية بأنه يكرس الكثير من السلبيات؛ مثل انتشار الفساد المالي والسياسي وشراء الأصوات ونقلها من مكان إلى آخر، فضلاً عن الانتخابات الفرعية التي يجرِّمها القانون والتي عززت القبلية والطائفية والفئوية... في المجتمع الكويتي. الحكومة بدورها رفضت اقتراح اللجنة واقترحت تقسيم الكويت إلى عشر دوائر، لكن نواب مجلس الأمة أبدوا اعتراضهم على التقسيم الجديد للدوائر، قائلين إن هذه التقسيمة لا تحقق العدالة والمساواة بين الدوائر المختلفة، فردت الحكومة بطلب تحويل الموضوع إلى المحكمة الدستورية... مما دفع بالنواب إلى مقاطعة جلسات المجلس، الأمر الذي دفع سمو أمير البلاد بدوره إلى إصدار قرار يحل مجلس الأمة ويدعو لانتخابات مبكرة... ماذا سيحدث في الانتخابات القادمة؟ وما هي أهم المتغيرات التي ستشهدها مسيرة الديمقراطية الكويتية؟ من أهم المتغيرات هو أن الانتخابات الجديدة ستجري وفق نظام الدوائر الـ25 سيئ الصيت الذي كرس الكثير من العيوب والشوائب التي تم ذكرها مثل القبلية والطائفية وانتشار الفساد واختراق القوانين وغيرها... لذلك سوف تستمر المواجهة والاستقطاب بين دعاة الإصلاح والتغيير، مقابل دعاة المحافظة على الوضع الحالي... من أهم المتغيرات المنتظرة في الانتخابات القادمة هو أن المرأة الكويتية ستشارك للمرة الأولى في هذه الانتخابات، حيث سجلت 6 نساء كويتيات أسماءهن للترشيح حتى الآن، ومن المتوقع أن يرتفع عدد المرشحات في نهاية هذا الأسبوع قبل قفل باب الترشيح. المشاركة النسائية الكبيرة ستحدد طبيعة المجلس القادم... هل سيكون مجلساً إصلاحياً أم مجلساً تقليدياً جامداً؟ يبقى السؤال: هل هنالك فرصة لفوز النساء في هذه الانتخابات؟ وهل ستحقق النساء مراكز متقدمة في الانتخابات؟ وهل ستصوت المرأة الكويتية لشقيقتها المرأة؟ هذه التساؤلات نطرحها من واقع تجربتنا الخليجية والمحلية المتواضعة؛ فالمرأة في البحرين وقطر لم تصوت للنساء المرشحات، رغم أنها شاركت بكثافة في الانتخابات التي عرفها كلا البلدين... وفي الكويت كذلك حيث يحق للمرأة المشاركة في الترشيح والانتخاب خلال الانتخابات التي تعرفها هيئات المجتمع المدني عامة والجمعيات التعاونية والأندية الرياضية والاتحادات الطلابية في الجامعة والمعاهد التطبيقية على وجه الخصوص. حصيلة كل هذه الانتخابات كانت سلبية ولم تحصد خلال المرأة مراكز متقدمة... الغريب أنه خلال الانتخابات الطلابية في جامعة الكويت حيث تشكل الطالبات ما نسبته 70% من الطلبة في الجامعة، لم تحقق الطالبات ما تصبو إليه من مراكز متقدمة في الاتحادات الطلابية، سواء في الجامعة أو في المعاهد التطبيقية. ومن المفارقات الغريبة أن تيارات الإسلام السياسي في الكويت، والذي عارض حقوق المرأة السياسية، هو الآن من يشكل اللجان النسائية المختلفة من أجل الاستفادة من تصويت المرأة... وهذه "ميكافيلية دينية" تستغل المرأة لأغراضها المصلحية والسياسية رغم ما سبق من معارضة علنية لأبسط الحقوق النسائية! من المستجدات الجديدة على الساحة الكويتية هي الحركة الشبابية الجديدة التي تطالب بالإصلاح الجذري؛ مثل اقتلاع الفساد وتغيير الدوائر الانتخابية... وستكون الانتخابات القادمة اختباراً جديداً لمقدرة الحركة على تسيير عملية التغيير. فتنظيم المحاضرات والندوات والمظاهرات... شيء مهم، لكن العمل السياسي المنظم الذي يتطلب إقناع الناخبين بأهمية المشاركة السياسية في الانتخابات، وبأن الصوت أمانة وعلى الشباب اقناع الناخبين بأهمية التخلي عن الولاء القبلي والطائفي والعائلي وأن الولاء للوطن من مصلحة الجميع. د. شملان يوسف العيسى