قام الاتحاد الأوروبي يوم الخميس الماضي بتجميد الحسابات البنكية والأصول المالية للرئيس ألكسندر لوكاشينكو، و35 من المسؤولين البارزين في روسيا البيضاء بما في ذلك أفراد عائلاتهم ووكلائهم ردا على الانتخابات الرئاسية، التي أجريت في شهر مارس المنصرم، والتي يصفها الاتحاد الأوروبي بالمزورة، ورداً أيضاً على ما تبع هذه الانتخابات من ملاحقة للخصوم السياسيين للحكومة. وقد جاءت العقوبات الأوروبية للمسؤولين في روسيا البيضاء بعد حظر للسفر فرض عليهم في وقت سابق إلى دول الاتحاد الأوروبي تبعه حظر مشابه فرضته الولايات المتحدة أيضا خلال هذا الأسبوع. وفي هذا الإطار حذرت إدارة الرئيس بوش من أنها ستتجه أيضا إلى تجميد الأصول المالية للرئيس لوكاشينكو، رغم أنها لم تقم بذلك بعد. وليس معروفا الأثر الفوري الذي سيحدثه التجميد بسبب غياب معلومات مؤكدة عما إذا كان لوكاشينكو يتوفر على أرصدة بنكية في أوروبا أو الولايات المتحدة، وحجم الأموال التي يمتلكها في حال توفره عليها. ومن جهته جاء رد رئيس روسيا البيضاء ساخرا، حيث سبق وأن نفى، حتى قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، امتلاكه لأية أرصدة مالية في البنوك الأجنبية، وهو النفي الذي أكده مجددا المسؤولون الكبار في روسيا البيضاء بعدما اتخذ الاتحاد الأوروبي قراره الأخير بتجميد حساباتهم البنكية. غير أن الرئيس لوكاشينكو الذي نفى أكثر من مرة توفره على أرصدة بنكية في الخارج رد بنبرته المعهودة الطافحة بالتحدي في لقاء بثه التلفزيون قائلا "خذوا ما شئتم من الأموال إن وجدتموها أصلا. إنكم لن تستطيعوا الإيقاع بلوكاشينكو مهما فعلتم". ويشار إلى أن رئيس روسيا البيضاء الحالي الذي ظل في السلطة منذ 1994 فاز بفترة رئاسية ثالثة حصل من خلالها، حسب تقديرات المسؤولين الرسميين، على 83% من الأصوات بينما لم ينل المرشح الرئيسي للمعارضة ألكسندر ميلينكيفيتش سوى على 6% من الأصوات، وهي النتيجة التي عارضها منتقدو لوكاشينكو في روسيا البيضاء، كما أثارت جدلا واسعا لدى المسؤولين الأوروبيين والأميركيين. وقد رحب ميلينكيفيتش بالخطوة الأوروبية وقرارها تجميد أموال مسؤولي روسيا البيضاء المتهمين بتزوير الانتخابات الرئاسية، معتبرا أنها لن تؤذي الشعب كما تفعل عادة العقوبات الاقتصادية، بل سينحصر أثرها على كبار المسؤولين. وفي حديث له عبر الهاتف صرح " ميلينكيفيتش" قائلا "حتى ولو لم يعثروا على حسابات بنكية، فإن قرار التجميد سيكون له أثرا معنوياً على المسؤولين" مضيفاً "أن العديد من المسؤولين عبروا عن استيائهم من حظر السفر معتبرين أن ذلك ظلما مورس في حقهم. ورغم إظهارهم عدم الاهتمام بالموضوع، إلا أنهم منشغلون بما يجري حتى ولو لم يكن "لوكاشينكو" يسمح لهم بالسفر كثيراً إلى الخارج". ويسري تجميد الأرصدة المالية على الرئيس لوكاشينكو نفسه، فضلاً عن الأعضاء البارزين في حكومته مثل وزراء التعليم والمعلومات والعدالة، بالإضافة إلى بعض الأعضاء المهمين في البرلمان والمدعي العام، ثم مدير الأجهزة الأمنية التي مازالت تحتفظ باسمها القديم الموروث عن الحقبة السوفييتية والمعروف ب "كي.جي.بي". أما الاتحاد الأوروبي الذي أصدر قائمة تضم المسؤولين في روسيا البيضاء تحت طائلة الحظر والتجميد فقد وصفهم "بالأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات التي طالت المعايير الدولية للانتخابات، وملاحقة المجتمع المدني والمعارضة الديمقراطية". وأكد الاتحاد الأوروبي أن التجميد يطال أيضا "الأشخاص الطبيعيين والهيئات القانونية المرتبطة بالمسؤولين الذين تسري عليهم العقوبات". وفي هذا السياق أوضح دبلوماسي أوروبي في العاصمة مينسك بأن المقصود بالأشخاص المرتبطين بالعقوبات هم أفراد العائلة، فضلا عن صناديق الائتمان أو الشركات التي تحمل أرصدة مالية لهؤلاء المسؤولين. ويأتي التجميد المالي في ظل تقرير أصدره البيت الأبيض قبيل الانتخابات اتهم فيه لوكاشينكو بالاغتناء على حساب الشعب، مرجحا "أنه أحد أكثر الزعماء العالميين فسادا". ويذكر أنه مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية ألقت الشرطة وقوات الأمن في روسيا البيضاء القبض على العشرات من المحتجين كما أجلت اعتصاماً نظم في الساحة الرئيسية بالعاصمة. والأكثر من ذلك ألقي القبض على ألكسندر كازولين، ثالث مرشح خاض الانتخابات الرئاسية بعد لوكاشينكو وميلينكيفيتش، بتهمة تنظيم احتجاجات مناوئة للحكومة. ومن المتوقع أن يؤدي قرار الاتحاد الأوروبي بتجميد أموال المسوؤلين في روسيا البيضاء إلى البحث الدقيق والمكثف في المعاملات المالية للرئيس لوكاشينكو قصد تعقب أمواله في الخارج. وينتظر أن تلحق الولايات المتحدة بالجهود الأوروبية لمحاصرة الحكومة في مينسك بعد استيفاء الشروط القانونية التي ستسمح لها بفرض التجميد المالي على لوكاشينكو وأعضاء إدارته. ستيفن لي مايرز ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "نيويورك تايمز" في موسكو ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"