هل كان توزير امرأة، نتاج ضغط الغرب في مجال الإصلاح الذي استدعته فرصة درء تهمة الإرهاب عن دول شرق المتوسط، بعد أحداث الشؤم السبتمبرية؟!!
وهل كان تقفيز موظفة إلى منصب كبير ضمن هذا السباق في منح المرأة حقاً لتخسر حقوقاً؟!!
المرأة في الدولة حققت مكاسب لا تحصى، ونجحت في اختراق سوق العمل وكتبت بجهدها قصص نجاح متوالية. ومنذ زمن البحر والرمل كانت المرأة دؤوبة، وتحملت مشاق لا يمكن لرجال ذلك الزمن، أن يتخلوا عن دورها الفاعل والدافع لعجلة الحياة القاسية آنذاك.
والمطالب التي ينادي بها البعض في حق المرأة لترشيح نفسها في المجلس الوطني، مطالب لها أسسها ومنطلقاتها بلاشك. لكن هل هي مطالب تعني مكاسب جوهرية في معركة حقوق المرأة طويلة المخاض التي بدأت منذ إعلان اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة؟
وإذا كان هذا من باب الإصلاح المطلوب والمُلِح، هل يمكن اعتباره أولوية، لأنه لا توجد في المقابل حقوق متبقية بعد وصول المرأة لمنصب وزيرة؟
تقول فريدة النقاش: "إن هناك مقايضة بالحق السياسي في مقابل التنازل عن حقوق مدنية مستقطعة من حياة المرأة عموماً".
المقايضة هنا تمت بشكلها السافر، فالمرأة ما زالت تعاني تمييزاً وقوانين ظالمة في مجال الأحوال الشخصية، ولعل كوابيس حقوق الإنسان تشهر حجم المأساة التي تعانيها امرأة في ملفات الشرطة والمحاكم.
ناهيك عن التمييز الوظيفي حين يحابي البعض الرجل، كون الذكورة في أحايين كثيرة هي مقياس الترقية الوظيفية، ولا يعني وجود امرأة في منصبها أنها -المرأة- نالت كل ما تستحقه من إنصاف وظيفي.
فالمطلب بالحق السياسي أسوة بالرجل، حق مشروع وحتمي، لكنه مطلب يستدعي تحقيق عدد من مطالب أولية مهمة في صدد إعطاء المرأة كافة حقوقها الإنسانية البسيطة.
وبالتالي يأتي الحق السياسي كفعل لاحق لمجمل الحقوق المعطاة فرضاً وواجباً.
فالتناقض هنا يعلن عن ذاته، ويشهر أيضاً إيماناً منقوصاً، ومتردداً في قضية المرأة التي يعتبرها البعض ترفاً، وحالة من البطر النسوي المعتاد كما اعتاد التراث أن يروج له حول المرأة العربية ودلالها الأنثوي المزعوم.
وماذا عن حق الموظفة الأم في إجازة تتفهم دورها الاستثماري لأجيال قادمة، التي قلصت إلى شهرين، ولتزجّ بصغيرها في غياهب مسلسل الخدم والأزمات النفسية جراء بعده عن دفء أمه وقسوة الوقت عليه؟
أولاً، علينا المطالبة باحترام دور المرأة بكافة وجوهه، ومن ثم نسأل عن حقها السياسي ليكون دوراً تكاملياً أساسياً وليس ترفاً، يعطى ضمن حزمة من الأمور الاستعراضية التي سرقت الكثير من الجهود النهضوية النسوية بدلاً من أن تدفع بها إلى الأمام.