أعتقد أن فتاوى الدكتور حسن الترابي الأخيرة المثيرة للجدل، والمتعلقة بالمرأة، وببعض أحكام الأحوال الشخصية، تثير مسائل كثيرة بعضها ذو ارتباط بضرورة إحياء مبدأ الاجتهاد، والبعض الآخر مرتبط بأهمية وضع قواعد ومحددات ثابتة لحدود الاجتهاد نفسه، أعني تبيان ما يجوز أن يُجتهد فيه وما لا يجوز، من باب كونه معلوماً من الدين بالضرورة فصَّلت فيه آيات بينات مُحكمات وأحاديث صحيحة ذات إسناد متين، ولم يعد فيه متردم بعد ذلك لمجتهد، ولا قول لقائل. ومع أنني لا أريد الخوض في الوقائع التي أفتى فيها د. الترابي، تحديداً، لأن هنالك من هم أوْلى مني وأخْلق بتقييم فتاواه، ومساءلتها فقهياً، من السادة العلماء الأفاضل وطلبة العلم النابهين، إلا أنني أرى أن الجدل الذي أثير حول تلك الفتاوى، والذي وصل لدى البعض حد تكفير الرجل، أو تفسيقه، لا مبرر له، فالرجل اجتهد، ومن اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر. وتبقى مسألة أحقية د. الترابي في الاجتهاد، من حيث المبدأ، وهنا أرى أن علماءنا القدامى، وضعوا، رحمهم الله، شروطاً صعبة للغاية، لمن يحق له الاجتهاد، وهي شروط بحاجة إلى مراجعة، تماشياً مع عصرنا هذا. تماماً كما أن الفتوى التي أعلنت في عصر الانحطاط، عن "إغلاق باب الاجتهاد" لا يبدو اليوم مبرر للاستمرار فيها هي الأخرى. بل لعلها كانت أسوأ اجتهاد، في تاريخ الحضارة الإسلامية.
أحمد رمضان - أبوظبي