من حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يقول البعض، أن تكون لديها مفاعلات نووية سواء للمسائل السلمية أو حتى الحربية أسوة بإسرائيل. ومن الواضح أن سنوات الحرب الطويلة مع عراق صدام البائد، والعقوبات الأميركية قد تركت آثارها السلبية على كفاءة الجيش الإيراني من ناحية المعدات الحربية التي عجزت الحكومات الإيرانية المتعاقبة عن توفيرها طوال فترة ما بعد الحرب، وخير دليل على ذلك كثرة الحوادث الجوية للطيران الإيراني المدني، وليس سراً أن إيران ليست بلداً صناعياً متقدماً على غرار الغرب.
وأعتقد أن المفاعلات النووية ستساعد إيران على إنتاج السلاح النووي الذي غدا بديلاً سريعاً، على مستوى الإنتاج وتوفر البدائل من الصين وروسيا، إضافة إلى الاستخدامات السلمية مثل توفر الطاقة النووية الكهربائية في المستقبل. وإذا ما تركنا الجانب السياسي الخاص برغبة الولايات المتحدة الأميركية في حماية أمن إسرائيل من أي اعتداء نووي محتمل من إيران الإسلامية التي استولت على القضية الفلسطينية من العرب، دعْ عنك تأييد النظام السوري، وتزويد "حزب الله" اللبناني بالمال والسلاح، إذا تركنا هذا جانباً وتساءلنا: هل تملك إيران تقنياً القدرة على توفير الأمن التقني بحيث لا يتسبب عدم الكفاءة في حدوث كارثة على غرار كارثة مفاعل تشرنوبل السوفيتي؟ طبعا ليس من الموقع أن تعترف إيران بتخلفها التقني الذي يشاهده كل عاقل على سطح الكرة الأرضية، كما أنها لن تعترف بالخطر المحتمل لاحتمال حدوث أي تسرب نووي من أحد هذه المفاعلات، وخاصة أنها تخطط لبناء مفاعلات أخرى في المستقبل القريب، الأمر الذي يضع أمن المنطقة الخليجية على كف عفريت لا ندري متى ينفخ نفخة الشر مدمراً أو مشوهاً وجه الحياة في المنطقة، وفوق هذا كله الاحتمال بقيام عالم إيراني، كما حدث في باكستان، ببيع التقنية النووية لدولة إرهابية، أو حتى لمجموعة من الإرهابيين، وأسامة بن لادن أو حتى الزرقاوي، أو أي إرهابي يريد إيذاء الشعب الأميركي، خاصة وأن نذر المواجهة قادمة.
خلاف هذا كله يحدث على الجانب الإسرائيلي، حيث القدرات التقنية الذاتية والمستوردة، وحيث قدرة إسرائيل العسكرية التي لا يماري فيها أحد، فضلاً عن الثقة العالمية بعدم تسرب هذه التقنية للأعداء، والبعد الكلي عن منطقة الخليج العربي. في حين أن إيران، ورئيسها لا يوفر فرصة لا يهدد فيها الغرب وإسرائيل ويتوعدها بالزوال. فكيف يمكن في ظل كل هذه العوامل تقنياً ونفسياً أن يطمئن عاقل إلى حالة الوضع الإيراني؟
من الواضح أن إيران لا تفكر إلا بنفسها دون أي احترام لمخاوف جيرانها الخليجيين المشروعة، والذين ستواجه شعوبهم قدراً بائساً فيما لو حدث أي تسرب نووي إلى مياه الخليج، الذي لن يعود مهماً تسميته بالفارسي أو العربي؟ وإيران لا تملك الكفاءة التقنية حتى لمعالجة مثل هذا التسرب النووي، لا قدر الله. لذلك يجب منع إيران من القيام بهذه المغامرة الكارثية بإجبارها على البحث مع الأوروبيين على الأقل، عن بدائل سلمية يمكن أن توفر لإيران ما تريد دون الدخول في متاهة النشاط النووي الذي لا تملك طهران مقومات التحكم في نتائجه السلبية فيما لو حدث أي خطأ تقني أو تسرب.
إيران دولة محدودة القدرات تقنياً وثمن المكابرة والعناد ستدفعه شعوب المنطقة من صحة الأجيال القادمة، ومن ثرواتها التي ستضيع على معالجة كوارث من الممكن الآن منع حدوثها فيما لو تعقلت إيران، أو أجبرت على تبني العقل، ولو بأصعب الخيارات.